إن الموضوع الأساسي لمحاضراتي العامة وكذلك الموضوع الأساسي لهذا الكتاب يتلخص في ضرورة التحرك المتكامل النشط من أجل تحقيق أي هدف مهما كان شكله ونوعه.
You are here
قراءة كتاب الغبي ينجح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
معاناة وآلام أحد موظفي البنوك:
أعتقد أن الكثيرين من الموظفين المثبتين في شركات ويتقاضون أجورًا شهرية منتظمة يقولون في سريرتهم: "طالما كنت موظفًا بهذه الشركة فلن أذوق طعم الحرية، وليست عندي شجاعة كافية ولا فرصة كبيرة لكي أستقل وأقوم بعمل خاص". ولكني لا أرى ذلك.
حدث منذ حوالي عامين في فترة إجازات بداية العام الجديد، أن أقمت ليلة في فندق من الفنادق ذات الطراز التقليدي الياباني في منطقة "هونغوو" بالعاصمة طوكيو مع سبعة من الشباب، وتلك الليلة قضيناها حتى الفجر نتحاور حول موضوع معنى الحياة وما قيمة الحياة، وكان السبعة في أعمار تتراوح بين العقدين الرابع والخامس، وكان كل منهم مسئول عن مهمة بالمنطقة التي ينتمي إليها، فكان منهم موظف بنك وعضو مجلس محلي ورجل أعمال وصاحب متجر بالسوق وغيرهم وكل هؤلاء يجمعهم عنصر واحد وهو الإخلاص في العمل بكل ما يملكون من طاقة. كان الجميع بالطبع يتحلون بقوة الإرادة، ولكن فيما يخص موضوع معنى الحياة وما قيمتها، فكان لكل منهم رأيه الخاص، ولذلك فقد استمر الحوار والجدل يزداد حمية حتى انتصف الليل، وحين أعود بالذاكرة لأحداث تلك الليلة فإنني أشعر دائمًا أن الحديث الذي دار كان مفيدًا. كان أفضل شيء خلال ذلك الحوار أن كل واحد منا أخرج كل ما عنده دون إخفاء شيء، فاصطدمت الآراء المختلفة ببعضها البعض.
وبين هؤلاء السبعة كان يوجد شاب يعمل موظفًا بأحد البنوك , وعلى الأصح فقد كان ذو منصب مهم حيث كان يشغل رئيس قسم بالفرع الرئيسي لبنك من بنوك الدرجة الأولى في العاصمة طوكيو، وكانت له خبرة طويلة وجيدة في مجال سمسرة العقارات، وكان رؤساؤه في العمل يقدرون إمكانياته ونبوغه.. أو هكذا قدم نفسه إلينا. وقد استشعرت من نبرته المليئة بالثقة في النفس كونه يعيش حياة لا ينقصها شيء، ولذلك فقد فاجأه واحد من مجموعة الشباب قائلا: "إذا كان الأمر كذلك فإن حياتك ليس بها ما ينغص عليك" !
كانت تلك الجملة مشوبة بالسخرية. لكنني لم أعتقد ذلك. حقيقة إن كل من يعلم أحوال ذلك الشاب سيشعر على الفور أنه لا ينقصه شيء ولا يحمل أي نوع من القلق والمعاناة حيث إنه موظف في أحد أشهر البنوك وصار يسلك خط المجد والمستقبل المبهر، حيث صار مديرًا لواحد من أقسام البنك وهو لا يزال في عقده الرابع، وله دخل مرتفع وحياة يومية مرفهة. لكن الحياة ليست فقط هكذا، فهناك جوانب أخرى. فلو كان جزءًا من منظومة كبيرة فهو قد يشعر بمعاناة معينة لا يشعر بها الآخرون، وقد تكون لديه هو الآخر مشاعر القلق وعدم الرضاء. فمثلاً عندما يصل مثل ذلك الموظف إلى مرحلة منتصف الطريق من النجاح والارتقاء في المناصب، فسوف يدخل خضم المنافسة الشديدة من أجل الوصول إلى مناصب أعلى، وقد يواجه بعض المتاعب أيضًا من جانب محتوى العمل نفسه. بل إنه قبل هذا وذاك فربما هناك مشكلة أساسية، ألا وهى مشكلة روح الولاء للمؤسسة أو الشركة وكيفية ربط هذه الروح بفكره الشخصي عن مفهوم قيمة الحياة.