كتاب "الحماية الدستورية والقانونية في حق الملكية الخاصة" يرتكز على ثلاثة فصول، تناول الفصل الأول دراسة الأساس الدستوري والقانوني لحق الملكية الخاصة. أما الفصل الثاني فقد اختص لأهم الضمانات الدستورية والقانونية لحق الملكية الخاصة.
You are here
قراءة كتاب الحماية الدستورية والقانونية في حق الملكية الخاصة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
المطلب الأول
التعريف بحق الملكية الخاصة
الفرع الأول: تعريف حق الملكية الخاصة
لغةً: الملكية نسبة إلى المالك، والملك يعني: احتواء الشيء، أو القدرة على الاستبداد به. والملكية اسم صيغة من مادة ملك منسوباً إلى المصدر وهو الملك (2).
أما اصطلاحاً: فقد عرفه الأحناف الملك بأنه القدرة التي يثبتها الشارع ابتداءاً على التصرف إلا لمانع. والملك أو الملكية علاقة بين الإنسان والمال. أقرّه الشرع وجعله مختصاً، ويتصرف فيه بالتصرفات كلها ما لم يوجد مانع من التصرف (3).
وقد وردت تعريفات عدة لحق الملكية في القوانين المدنية. فقد نصت المادة (1048) من القانون المدني العراقي على أن: ((الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفاً مطلقاً فيما يملكه عيناً ومنفعة واستغلالاً فينتفع بالعين المملوكة وبغلتها وثمارها ونتاجها ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة.
ومن الواضح نجد تأثر المشرع العراقي بالفقه الإسلامي، وذلك بنقله هذا التعريف حرفياً من المادة (11) من مرشد الحيران، وهو بهذا يتفق مع القانون المدني المصري، بأبرز سلطات المالك الثلاث، وهي: الاستعمال، الاستغلال، والتصرف. وعبارة: ((جميع التصرفات الجائزة)) الواردة في تعريف القانون المدني العراقي تقابلها عبارة في ((حدود القانون)) الواردة في تعريف القانون المدني المصري. فالمادة (802) من القانون المدني المصري تعرف حق الملكية بقولها: ((لمالك وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه)) (4).
وقد نصت المادة (544) من القانون المدني الفرنسي بقولها إن: ((الملكية هي الحق في الانتفاع والتصرف في الأشياء على النحو المطلق بشرط أن لا يستعملها أحد استعمالاً محرماً بموجب القوانين أو الأنظمة)). وهذا التعريف قريب من تعريف القانون المدني العراقي لحق الملكية (5).
وبإمعان النظر إلى تعريف القانون المدني العراقي ومرشد الحيران وغيرهما من تعريفات الفقه الإسلامي والقانون المدني المصري والفرنسي، قد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة أنها قرنت الملكية بصفة الأطلاق. إلا أن هذه التعريفات تضمنت إشارة مهمة تنزع عن حق الملكية هذه الصفة. فعجز المادة (1048) من القانون المدني العراقي والمادة (11) من مرشد الحيران تتحدث عن تصرفات المالك في العين بعبارة ((بجميع التصرفات الجائزة)) فإذا خرج عن حدود الشرع والجواز فلا يعده الشرع أو القانون مستحقاً لحمايته. وهذه العبارة مفيدة من ناحيتين اثنتين هما:
أولاً: فمن ناحية السياسة التشريعية تثبت للمشرع الحق في تقيد حق الملكية على أساس أن ذلك من حقه. وليس من قبيل التعدي والغصب.
ثانياً: ومن الناحية الأخرى فيها تأكيد على الطابع الاجتماعي لحق الملكية الخاصة بأن الملكية هي حق له وظيفة اجتماعية (6).
كما أن هذه الفكرة أٌيدت بموجب دساتير الدول. فقد نصت أغلبها على أن الملكية وظيفة اجتماعية. فمثلاً الفقرة (أ، ب) من المادة (16) من الدستور العراقي المؤقت لعام (1970) التي تنص على أن (( أ- الملكية وظيفة اجتماعية تمارس في حدود أهداف المجتمع ومناهج الدولة، وفقاً لأحكام القانون. ب- الملكية الخاصة والحرية الاقتصادية الفردية مكفولتان في حدود القانون وعلى أساس عدم استثمارها فيما يتعارض أو يضر بالتخطيط الاقتصادي العام)) (7).
ويرى بعض الكتاب أنه حتى لا نبتعد عن هذا التعريف المستمد من الفقه الإسلامي يمكن تعريف حق الملكية (الملك التام) بشيء من الإيجاز وعلى النحو الآتي: ((الملك التام من شأنه أن يتصرف المالك فيما يملك بجميع التصرفات الجائزة عيناً ومنفعة واستغلالاً)) (8).
الفرع الثاني: خصائص حق الملكية
ينفرد حق الملكية بخصائص دون سواه، وهي كونه حقاً جامعاً ومانعاً ودائماً، ونقتصر الحديث وبإيجاز عن بيان الخصائص التي ينفرد بها حق الملكية وعلى النحو الآتي:
أولاً: حق جامع
يعد حق الملكية حقاً جامعاً، وذلك لأنه يشمل أوسع السلطات التي يمكن أن تكون للشخص على الشيء، وهذه السلطات هي: الاستعمال، الاستغلال، التصرف. وهي التي تمكنه من الحصول على جميع المزايا في الشيء محل الحق وضمن الحدود الجائزة قانوناً (9).
ثانياً: حق مانع
وهو يعني ذلك أن المالك وحده له الحق في أن يستأثر بجميع مزايا ملكه دون سواه. ويستطيع أن يزاول سلطاته عليه، ويمنع غيره من مشاركته فيه حتى ولو لم يلحقه ضرر من المشاركة (10).
ثالثاً: حق دائم
وهو يعني أن حق الملكية يظل باقياً ما دام الشيء محل الحق موجود. وهذا لا يعني أن ملكية الإنسان للشيء تدوم أبد الدهر. وقد يتخلى المالك عن ملكيته للشيء بأي تصرف ناقل للملكية نحو البيع أو الهبة. فالقصد من قولنا أن حق الملكية حق دائم، يعني أنه حق دائم في ذاته. أي لكونه وارداً على شيء معين يظل باقياً ما دام الشيء باقياً أيضاً (11).