كتاب "أسباب انقضاء الخصومة" يتناول أسباب انقضاء الخصومة في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، مع موازنتها ببعض القوانين العربية، كالقانون المصري واللبناني والسوري.
You are here
قراءة كتاب أسباب انقضاء الخصومة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
ويؤخذ على هذا التعريف بأنه توفيقي يسعى إلى التخفيف من حدة وقوة الخلاف بين من يرون الخصومة كظاهرة متحركة ومن يرونها كظاهرة ساكنة أكثر من كونه تعريفاً جامعاً مانعاً، ناهيك بأنه تعريف واسع وفضفاض حيث يؤدي التسليم والأخذ به إلى استخدام مصطلح الخصومة بمعنى مرادف لمصطلح الإجراءات القضائية مما لا يتلائم ويتفق مع المعنى الفني الدقيق للخصومة في التشريع والقضاء والفقه( 11).
ومع احترامنا وتقديرنا لجميع الآراء الفقهية السابقة إلا أننا نرى بأنها لم تقدم تعريفاً جامعاً مانعاً محكماً للخصومة، بحيث يسعفنا في دراسة عناصر الخصومة وبناء النظريات الخاصة بها. الأمر الذي يقودنا بقوة لتبني وجهة نظر جانب من الفقه(12 )، والذي ينظر للخصومة كظاهرة متحركة ويعرفها على أنها مجموعة من الإجراءات القضائية المتتابعة يقوم بها الخصوم أو ممثلوهم والقاضي وأعوانه والغير وذلك وفقاً لنظام معين يرسمه قانون أصول المحاكمات المدنية، وتبدأ المطالبة القضائية وتستمر بهدف الحصول على حكم فاصل في الموضوع، وقد تنتهي انتهاء مبتسراً – غير طبيعي- قبل بلوغها هدفها المنشود لأسباب إجرائية كالتقادم والإسقاط أو السقوط. ولاشك بأن هذا الرأي حرِّي بالتأييد كونه يتضمن تحديد واضح لعناصر الخصومة، فالخصومة ظاهرة مركبة تتكون من مجموعة من الأعمال الإجرائية التي حددها المشرع والتي تنشئ وتبتدئ بالمطالبة القضائية وتسلك وتسير بنسق ونهج معين وتتابع مضبوط ومحكم وصولاً وانتهاءً للعمل الإجرائي الأخير فيها وهو صدور حكم فاصل نهائي في موضوعها.
ويقصد بالعمل الإجرائي العمل القانوني الذي رسم وحدد القانون شكله ومضمونه ومعالمه وآثاره دون أن يترك لإرادة الخصوم حرية مخالفة شكله أو مضمونه أو أثاره بحيث لا يملك الخصوم إلا حرية القيام به أو عدم ذلك فإن اختاروا القيام به وجب الالتزام والتقيد بشكله ومضمونه وفق ما حدده ورسمه القانون. أما بخصوص الآثار المترتبة عليه فإن كل ما تملكه إرادة الخصوم بشأنها هو إما الاستفادة منها أو التنازل عنها دون أن تملك هذه الإرادة صلاحية تعديل تلك الآثار( 13). ولعل الأمثلة عليه كثيرة بدون شك، فمنها تبليغ نسخة من لائحة الدعوى إلى المدعى عليه، تقديم طلب أصلي أو عارض، تحرير محضر جلسة، التمسك بدفع من الدفوع، توجيه يمين، سماع شاهد، إصدار الحكم، وقد يصدر العمل الإجرائي من الخصوم ومثال ذلك التمسك بدفع وتقديم طلب ورفع طعن، أو من القاضي كسماع الشهود واستجواب الخصوم وتوجيه اليمين وإصدار الأحكام، وقد يصدر من قبل أعوان القاضي( 14) ككتاب الضبط والمتابعة والمحضرين. ومثال ذلك قيام كاتب الضبط بتحرير محضر الجلسة أو قيام المحضر بتسليم نسخة عن لائحة الدعوى للمدعى عليه أو للشاهد( 15). أو من الغير كقيام الشهود بالحضور للمحكمة والإدلاء بشهادتهم أو قيام شخص من الغير بتقديم طلب للتدخل في خصومه قائمة أمام القضاء أو قيام الخبير الذي انتخبته المحكمة خبيراً في بعض المسائل الفنية الدقيقة بتقديم تقرير خبرته، ونظراً لصعوبة وتعذر قيام الخصوم في كثير من الدعاوى بالأعمال التي يقتضيها سير الخصومة فإنه يتم الاستعانة بطائفة المحامين( 16). لغايات القيام بهذه الأعمال بالوكالة عن أطرافها ابتغاءاً لمصلحة الأفراد وحفاظاً على بقاء سير مرفق القضاء بانتظام وباضطراد.
وتنشئ وتبتدئ الخصومة بالمطالبة القضائية وهي عمل ناتج عن إرادة أحد الخصوم وهو المدعي، ويتمثل هذا العمل الإرادي في طلب المدعي من المحكمة إصدار حكم لصالحه في إدعاء معين، وبالمطالبة تبدأ الخصومة ولكنها لا تنعقد ولا تكتمل إلا إذا اتصلت بالخصم الآخر –المدعى عليه- عن طريق تبليغه. وإذا بدأت الخصومة على النهج الذي حدده القانون الإجرائي فإنه ينبغي أن تبقى مستمرة في نشاطها وتتعاقب أعمالها أولاً بأول حتى تصل إلى غرضها المنشود والمطلوب وهو صدور حكم فاصل في موضوعها.