كتاب "أسباب انقضاء الخصومة" يتناول أسباب انقضاء الخصومة في قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني، مع موازنتها ببعض القوانين العربية، كالقانون المصري واللبناني والسوري.
You are here
قراءة كتاب أسباب انقضاء الخصومة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
وهذا الرأي وإن نجح على تبرير التزام أطراف الخصومة بآثارها لارتباطهم بعقد قضائي، ألا أنه يقف عاجزاً أمام تبرير التزام الغير بآثار الخصومة.
أيضاً إذا جاز القول بأن للمدعي إرادة تتمثل في رفع الدعوى واللجوء إلى القضاء فأنه يصعب ويتعذر القول بأن المدعى عليه يملك نفس الإرادة فهو مدفوع على اللجوء إلى القضاء وتوجه إليه الدعوى بمنأى عن إرادته(33 ).
ويؤخذ أيضاً على هذا الرأي عدم دقته في التأصيل والتحديد فالواجبات التي تقع على عاتق الخصوم والقاضي مصدرها ومرجعها أحكام القانون وليس اتفاق الخصوم، فالالتزام المدعى عليه بالحضور تحت طائلة وعقبى المحاكمة الغيابية، قد فرض لتفادي لجوء المدعي إلى استيفاء حقه بنفسه، والتزام القاضي بالفصل في الخصومة ينبع من الوظيفة العامة الرسمية الموكلة إليه لغايات المحافظة على حسن سير العدالة(34 ).
الفرع الثاني: الخصومة رابطة قانونية:
ذهب أنصار هذا الرأي( 35) إلى القول بأن الخصومة لا تخرج عن كونها رابطة قانونية متعددة الأطراف تتضمن نوعين من الروابط أولهما رابطة بين الخصوم أنفسهم، ومضمونها مجموعة من الحقوق والالتزامات المتبادلة، وثانيهما رابطة بينهم وبين الدولة ممثلة بهيئة المحكمة فهذه الرابطة القانونية مستقلة عن حق الدعوى كونها تنشأ بتقديم المطالبة القضائية وهي مستقلة عن الحق الموضوعي لأنها تعتبر رابطة إجرائية وليست رابطة موضوعية، وهي رابطة مركبة لتضمينها حقوق والتزامات متعددة، ويترتب عليه وضع الخصوم في مركز قانوني يؤدي إلى تعدد الروابط القانونية في الخصومة، والتي تعبر بمجملها عن رابطة واحدة تضمن واجب القاضي بإجراء ما يلزم للفصل في طلبات الخصوم وحق الخصوم في إثارة النزاع أمام القضاء وما ينطوي عليه من القيام بجميع الأعمال الإجرائية اللازمة لسير الخصومة(36 ).
ومن حسنات هذه النظرية أنها تكرس صراحة ما ينشأ بين الخصوم وبينهم وبين القاضي من علاقات وتلقي الضوء على الالتزامات المفروضة على عاتق الخصوم في تسيير الخصومة والحفاظ على ديمومتها، إلا أن مثالب عدة وجهت إليها كان من أبرزها أنها استعارت للخصومة تكييفاً قانونياً دون أن تبقى لهذا التكيف مدلوله السليم.
فالرابطة القانونية سنداً للنظرية العامة للقانون هي علاقة ينشئها القانون بين شخصين بمنحة أحدهما سلطة وفرضه على الآخر واجب يقابل ذلك أن هذه السلطة وتلك الفكرة المستمدة من وحي القانون المدني، تنسجم وواقع فكرة الخصومة التي لا تعدو عن كونها مجرد روابط إجرائية، فضلاً عن أن القول بأن الخصومة رابطة قانونية يجعلنا نعتبر الخصومة مجرد أثر للمطالبة القضائية من حيث أن المطالبة ليست إلا إجراء من إجراءاتها.
الفرع الثالث: الخصومة عمل قانوني مركب:
يذهب أنصار هذا الرأي( 37) إلى القول بأن الخصومة لا تخرج عن كونها عملاً قانونياً مركباً. معللين ذلك بأن الخصومة عمل تتابعي واحد يتألف من ثمة أعمال يقوم بها الخصوم أو ممثليهم والقاضي وأعوانه وأحياناً الغير، وهذه الأعمال تتعاقب وتتابع زمانيياً ومنطقياً بحيث يعد كل عمل مقدمة منطقية للعمل الذي يعقبه، ورغم ترتيبها لآثار خاصة بها إلا أنه يربطها وحدة الغاية حيث تتجه جميع هذه الأعمال في النهاية إلى هدف واحد وهو إظهار حقيقة النزاع وصدور حكم فاصل في موضوع الخصومة.