كتاب "الإذاعة والبرامج الجماهيرية"، هذا الكتاب محاولة لإلقاء الضوء على مختلف أنواع البرامج الجماهيرية التي تحاول الإذاعات تقديمها للمستمعين وتحاول إشراك أكبر عدد ممكن منهم فيها، سواء بالمشاركة الفعلية داخل الأستوديو أو بالاستماع والتفاعل والتعبير عن رد الفع
You are here
قراءة كتاب الإذاعة والبرامج الجماهيرية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
3 - الدراما
وكان سبيل الإذاعة إليها: المسرحيات التي كانت تسجل أثناء عرضها على خشبات المسارح، أضيف إليها بعد ذلك أفلام السينما التي تلائم البث الإذاعي وذلك كان قبل ظهور التمثيلية الإذاعية التي جاءت لتجسّد تطور الدراما مع الإذاعة، حيث تلاءمت مع جهازها الإذاعي بصورة فريدة أكثر من أي فن آخر من الفنون التي تمارسها الإذاعة، لدرجة أنها ظهر لها خصائص ومميزات وأصول في الكتابة والإخراج والأداء، خلقها وفرضها لاقط الصوت (الميكرفون) بطبيعته الخاصة، وجعل بها من الدراما الإذاعية فناً قائماً بذاته، أشتهر في الإذاعات العربية باسم "التمثيلية" وذلك في مقابل المسرحية التي تقدم على خشبة المسرح، وهي تختلف عن التمثيلية الإذاعية في المعلومات الفنية الأساسية كل الاختلاف من حيث الزمن والحركة والحوار وتوالي الأحداث والإخراج والأداء التمثيلي.
وتبقى الدراما كفن تعبيري حتى الآن فناً قائماً بذاته وخاصاً وله دراسة قائمة تتمتع به التمثيلية الإذاعية. لذا لا نستطيع القول بأن الدراما هي من ضمن المنوعات، ولكنها كتمثيل من الممكن استخدامها في المنوعات، لاسيما وأن طريقة التمثيل تستخدم في جميع برامج الترفيه، أي برامج المنوعات.
4 - الموسيقى
كان سبيل الإذاعة منذ أول أيام نشأتها وحتى الآن لتدعيم هذه النشأة: الموسيقى، حيث لعبت دوراً أساسياً في ازدهارها، فأخذت الإذاعة عن طريق الموسيقى تستقطب المستمعين من كل القوميات والأجناس، باعتبارها اللغة التي تتأثر بها كل شعوب الأرض بسهولة، كلغة مشتركة للإنسانية جمعاء حيث لا تحدها اللغة، وقد ثبت أنها ملائمة لوسيلة الاتصال الجديدة – عند ظهورها – ألا وهي الإذاعة. وأصبحت الموسيقى بذلك مادة أساسية تستخدم خلال برامجها على مستوى كل شعوب دول العالم وتقوم بإذاعة التراث الموسيقي العالمي في جميع البلدان، فتذيع السيمفونيات من كل العصور الكلاسيكية القديمة والموسيقى الأوركسترالية المشهورة التي كانت موجودة، فإما أن تذاع حيّة أو مطبوعة على اسطوانات، وأيضاً الموسيقى الشرقية الحالية.
وقد بدأت الإذاعات تؤلف فرقاً موسيقية خاصة بها، وتسمى الفرق الغربية بالاوركسترا، وبالنسبة للموسيقى الشرقية تسمى بالتخت، ومع تقدم سني العمل الإذاعي تطوّر التخت، فأنشأت الإذاعات فرقاً خاصة بها عهد إليها في الفترة الأولى بأن تعزف الموسيقى حيّة في غرفة البث وعلى الهواء مباشرة، وكلفت هذه الفرق أيضاً بعزف الإنتاج المحلي من الموسيقى ثم بدء باستخدام العزف في أغراض أخرى مثل خدمة برامج المنوعات ووضع موسيقى الألحان والفواصل الموسيقية ووضع النقلات الموسيقية ذات الأجواء الخاصة والمستخدمة كخلفية لبعض المسامع أو المشاهد للتعبير عن بعض الانفعالات التي تحتاج إلى العمق. وبهذا نستطيع القول بأن الإذاعة قامت بتطويع الموسيقى لخدمة أغراضها وأهدافها الخاصة.
وقد كان لجهاز الإذاعة المسموعة (المذياع) أثر كبير على الموسيقى من ناحية التأليف والأداء والاستماع، لدرجة أنه يمكن القول بأن هذا المذياع (الراديو) قد أحدث انقلاباً في الحياة الموسيقية تجسّد في الناحيتين الاجتماعية والفنية.
فاجتماعياً جعل المذياع الموسيقى في متناول يد المستمعين بكل سهولة، ولم تعد قاصرة على طبقة اجتماعية مميزة إذ بمجرد تحريك مؤشر الراديو يميناً أو يساراً يستطيع المستمع الاستماع لأي نوع من الموسيقى وبما يتفق ورغباته الذاتية، كما أن هذا الجهاز الإعلامي قدم أفضالاً في تقريب الأذواق الفنية إلى بعضها، فعمقّ التواصل بين شعوب الأرض ودول العالم، محطماً كل الحواجز مهما كان نوعها، بما في ذلك الحواجز السياسية والإقليمية، وأكد ذلك أن الموسيقى توفر المناخ المناسب للتواصل والتفاهم والتجاوب العالمي، وتعمق العلاقات الإنسانية دون أي اعتبارات لأية خلافات.
أما بالنسبة للناحية الفنية، فقد ساعد جهاز الإذاعة المسموعة على نشر هذه الموسيقى نتيجة استفادته منها في البرامج والتمثيليات عن طريق استخدامها في الألحان وبين فقرات البرنامج اليومي، فتوسعت بذلك دائرة الاستفادة منها، وفتحت الأبواب على مصاريعها لطلب الجماهير في كل الأقطار، وبدأت هذه الجماهير تتذوق الموسيقى سواء الشرقية منها أو الغربية، ونتيجة اتساع دائرة السماع للموسيقى من جماهير المستمعين يكون جهاز الإذاعة قد استطاع أن يخلق نوعاً من التقارب الفني بين حضارات العالم الموسيقية المختلفة، وفي هذا المجال تأثرت الموسيقى الغربية بالموسيقى الشرقية، كما تأثرت الأخيرة بالموسيقى الغربية. وانسحب ذلك على الآلات الموسيقية والتأليف والأداء الموسيقى.
إلى جانب ذلك فتح المجال أمام الكثيرين من عشاق الموسيقى لتعلمها عبر الأثير عن طريق الراديو الذي جعل الموسيقى القديمة والتي كانت قد وضعت والفن في ظروف تاريخية واجتماعية معينة وتختلف عن الظروف اللاحقة تستمر وتتم المحافظة عليها في عقول وأحاسيس المستمعين.