نافذة على القصة القصيرة الفارسية الحديثة، كتاب أدبي نقدي للدكتور احسان صادق اللواتي الاستاذ في جامعة السلطان قابوس في مسقط، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2011، يتناول الكتاب القصة القصيرة الفارسية الحديثة، ويقول مؤلف الكتاب في تعريفه لعمله: هذ
You are here
قراءة كتاب نافذة على القصة القصيرة الفارسية الحديثة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
في تلك الليلة نهرها بشدة عن محادثة الرجال الغرباء، فاغرورقت عيناها بالدموع، فأثرت في قلب القروي· وجاءت أم عباس مرتين لخطبة لاله لولدها، لكنّ خداداد ردّها في المرتين بحجة أنَّ لاله ما زالت طفلة، وكانت الحجة التي أقنع بها نفسه هي خشيته من أن يصبح عباس، هذا الكسول، وارثاً له، وأن ينتقل كل ما جمعه في خمسين عاماً إلى ملكيته· عندئذ ما الذي ستقوله عنه أرواح أجداده إذ بوّأ في مقام الوارث شخصاً خالي الوفاض، ولا قبل له بالعمل في الأرض؟ وفضلاً عن كل هذا، فإنًَّ الفتاة التي آواها في بيته، وأطعمها، وكساها، وتعب لأجلها حتى كبرت، تحمل بالنسبة إليه حكم شجرة فاكهة نمّاها ورعاها ثم يأتي غريب ليقطف ثمرتها· أقبيحٌ أن تكون التفاحة الحمراء لصاحب يد مبتورة؟ أليس بالإمكان أن تكون لاله له هو؟ ولم لا؟ لكنه كان يعرف أنَّ الموضوع لم يكن بهذه السهولة، فلا بد من الحصول أولاً على رضا البنت، هذه التي تتمسك بعادتها التي تزيده يأساً، عادة مناداته أباً لها·
كان إذا نامت الفتاة ليلاً، يرفع المصباح عالياً، ويتأمل وجهها وصدرها وساعديها لمدة من الزمن، ثم ينطلق كالمجنون إلى الخارج، إلى الجبل، ويعود إلى الدار متأخراً جداً· كانت حياته تسري بين الخوف والرجاء، وكانت الرهبة تمنعه من أن يظهر لها عشقه، فلو قالت له لالة: لا، أنت مسنّ لما وجد مناصاً من أن يقتل نفسه·
بالقرب من بيت خداداد، تقع صخرة مسطَّحة عريضة كان يحلو للاله أن تجلس عليها، أغلب الوقت، ملصقةً بها عضلات رجليها الرياضيتين· كانت تمكث هكذا مدة طويلة دون أن تتعب، وأحياناً كانت تردد لنفسها لحناً شجياً، فإذا اقترب منها أحد سكتت من فورها· لقد استمع خداداد لهذا اللحن بمحض الصدفة، وكان في داخله توق كبير للاستماع إليه ثانيةً·
واليوم صباحاً، حين كان خداداد يهم بالذهاب إلى مدينة دماوند، كانت لاله جالسة على الصخرة نفسها· لقد بدت أحسن حالاً من حالها في الأيام الأخرى، ولم تشأ- خلافاً لعادتها- أن تتبعه إلى المدينة· قال لها خداداد: