المجموعة القصصية "غليون العقيد"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2002، للكاتب البحريني محمد عبد الملك، نقرأ من أجوائها:
You are here
قراءة كتاب غليون العقيد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
غليون العقيد
الصفحة رقم: 4
ــ تعالي أريد أن أهمس في أذنك·· وقبلني قبلة حارة··
ــ إلى السهرة!
قال، وهو يمسك يدي ونفتح الباب ونخرج·
صلاح هاشم:
في الطريق إلى السهرة، إلى الطابق الثاني، سبقنا الهرج في الفندق، الندل الحاملون الزجاجات والفواكه· الخدم بملابسهم الزرقاء السماوية وهم يحملون الحقائب· الأزهار والنبتات الخضراء في الممرات·· والنساء الجميلات طبعاً، بالملابس الجديدة للسهرة·· كلهم يتدفقون في المصعد الكبير في اتساع غرفة·· إلى الطابق الثاني·· ضغطنا زر الطابق الثاني فقط·· وأعلن الضوء الأصفر بداية توقف المصعد·· زرافات كنّا·· الموسيقى، والجو الحالم، الأضواء الخافتة والديكور الكلاسيكي القديم، والطاولات تتوسطها سلّة الفاكهة والنادلات الجميلات·· كان المطعم يغص بالحضور من جنسيات مختلفة بين رنين الضحكات وهي تتشظى· أعطيت النادل البطاقة فقادني إلى طاولة صغيرة بجانب لوح زجاجي كبير عريض·· خلف اللوح الزجاجي كانت المقبرة أيضاً في مكانها·· وكأنها تنتظرنا هنا أيضاً·· دهشاً جلست· لم تلحظ زوجتي شيئاً حتى الآن·· قلت للنادل:
ــ هل يمكن تغيير هذا المكان؟
أشار إلى الناس المتزاحمين على المقاعد وقال:
ــ هذا هو المكان الوحيد الموجود·· طلب هذا المكان كثيرون قبل مجيئك·· أنت محسود يا سيدي·· هذا المكان يطل على المدينة·· وتستطيع من هنا أن تكشف كل القاعة!
قلت: ــ إذن·· شكراً·· لا بأس!
بشرى إبراهيم:
كنت أعرف أن صلاح سينزعج لو عرف الأمر· كنت في غاية الدهشة، إذ لم أتوقع أن تكون المقبرة هنا أيضاً في السهرة، بين الناس، وأن أحسسها في الظلام المحيط بالأسوار والمدينة والفندق والطاولات·· كنت خائفة أن يكتشف صلاح ذلك فجأة·· وقلت للنادل:
ــ أرجو أن تجد لنا مكاناً آخر فيما بعد··
قال النادل:
ــ سأحاول··
صلاح هاشم:
قررت ألا ألتفت إلى الوراء· أعطيت المدينة والمقبرة ظهري، وأعطت بشرى المقبرة والمدينة ظهرها· كنا بهذه الهيئة نقابل البند وصالة الرقص تماماً· وجدت في هذه الهيئة ما يخالف التآلف والتناسق مع البند وصالة الرقص التي توجهت الأجساد والأنظار إليها·· كنت مأخوذاً بالحفل· والرقص والموسيقى، نسيت·· لكنني بين آن وآخر كنت أفكر في بشرى·· لا أريدها أن تعرف·· أنا نسيت وهي قد لا تنسى لو علمت بالأمر· قضينا سهرة ممتعة ورقصنا في حلبة الرقص·· وفي إحدى الصولات كنا عائدين إلى مقاعدنا من الحلبة الصاخبة، وجدنا نفسينا نقابل المقبرة ونحن نمسح عرق الرقص·· ولم نعط المقبرة ظهرنا بعد ذلك·· رأينا كل شيء معاً، وعرفنا كل شيء معاً، وعرفنا أننا كنا معاً نعرف الحقيقة ونخفيها عن بعض·· فضحكنا للنكتة· في غرفتنا، في الدور الخامس كانت الستارة مفتوحة·· حين غبنا في عناق طويل·· لم نكن نرى أو نعرف شيئاً·· أو نحس إلاّ بوجودنا·· أنا وبشرى في المكان·