You are here

قراءة كتاب غليون العقيد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
غليون العقيد

غليون العقيد

المجموعة القصصية "غليون العقيد"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2002، للكاتب البحريني محمد عبد الملك، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
نبتة السعادة
 
ظلت النبتة البرية في وعاء الفخار مستقرة في صالة المنزل· قالت زوجتي: تحتاج هذه النبتة إلى عناية كثيرة! كم أزعجتني! ما سر انزعاج زوجتي من هذه النبتة؟! كنت أتأملها·· بل أتأملهما معاً·· زوجتي مشغولة وصعبة، وهذه النبتة تشاكسها· كانت قد أحضرت لها سماداً جديداً ثميناً·· وحاولت تعريضها للشمس كل يوم، وأوصت الخادمة أن تواظب على سقايتها· وأن تعطيها من الماء العذب·· وحرصت الخادمة ألا تسقيها غير الماء العذب كل يوم·· كنا ننظر بازدراء إلى هذه النبتة البغيضة·· فهي تكلفنا الكثير وتعطينا القليل! قالت زوجتي وهي ترى إلى جفافها: سأرميها في الخارج·· لا نفع فيها! لِمَ نضيع وقتنا الثمين معها؟ كنا حانقين عليها، ورغم ذلك كنا نقول: إن الحياة ستعود إليها· سترتوي وتخضر في النهاية، مثل كل النباتات· كم من نبتة نصف صفراء صارت خضراء مورقة وسعدنا بها؟! لكن الأمد طال، والأمل هوى، والحيرة بدأت تضاعف اضطرابنا· كانت زوجتي لا تتحدث إلا عن هذه النبتة وكأنها النبتة الوحيدة في المنزل المليء بالنبتات· كانت قد فكرت أن تلقيها بالأمس في القمامة، لكنني ذكرتها أنها هدية جدتها الكبيرة بمناسبة عيد زواجنا الثامن! قالت وهي تضحك:
 
ــ ألم تجد أفضل من هذه الهدية؟!
 
فقلت:
 
ــ ما دامت من جدتك وجب العناية بها حتى النهاية!
 
نظرت إليّ في دهشة مع قليل من الاقتناع، والتردد وقالت:
 
ــ لقد اعتنيت بها أكثر من اللازم!
 
قلت ضاحكاً:
 
ــ إنها تشبه جدتك في كل شيء!
 
ويبدو أن زوجتي اقتنعت مؤقتاً·· إذ وجدتها في اليوم الثاني تشتبك مع البستاني في حوار طويل حول النبتة، ثم رأيت البستاني يدخل إلى صالة المنزل مع زوجتي ويتوجهان معاً إليها· أو هكذا خمنت·· كان الموضوع يثيرني لسبب غامض·· قلت لا شك أن النبتة مريضة! كان البستاني يقلب أوراقها بيده الكبيرة ثم يغمس إصبعه في التربة·· ويحرك وعاء الفخار، ويقول لزوجتي كلاماً لا أسمعه· كنت في الطابق الثاني أتابع ما يحدث بصمت· ورأيت من ملامح زوجتي انفعالها الشديد· قالت لي زوجتي في الليل: تصور أن النبتة ستموت إذا لم نأخذها إلى خبير زراعي! ضحكت وقلت: وما رأيك؟ قالت غاضبة: أدفع لها ثمناً مضاعفاً لقيمتها؟ أعالجها؟ وأضيع وقتي الثمين؟ كانت زوجتي مديرة في مؤسسة كبيرة·· وهي إمرأة عصرية جادة لا وقت لديها للتفكير في التوافه من الأمور! قلت لها مستريحاً:
 
ــ افعلي ما تشائين!
 
نظرت إلىّ بشيء من الحيرة قبل أن تقول:
 
ــ تعرف أن هذه النبتة تثير خيالي! وأشعر تجاهها بتعاطف غريب!

Pages