المجموعة القصصية "غليون العقيد"، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2002، للكاتب البحريني محمد عبد الملك، نقرأ من أجوائها:
You are here
قراءة كتاب غليون العقيد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
غليون العقيد
الصفحة رقم: 6
ونهض بعد أن رفع كل الفاكهة التي على الطاولة الذهبية بيده· لمس ما تبقى من فاكهة شهية ولعابه يسيل، وجوعه ينعق فتحولت إلى ذهب! ورمى المائدة العامرة على الأرض وسقط فوقها وعوى كالذئاب المسعورة· وشعر بدوار في رأسه· كانت هناك أنواع شتى من الأطعمة! الديك الرومي المحشي بالبيض! الدجاج الملكي المشوي الذي أعده طباخون أتراك وعرب متفنون في الطبخ· الخروف العربي الصغير ذو اللحم الشهي المورد الذائب في الدهن والشحم! والرز المتشابك كاللآلئ البيضاء برائحته النفاذة! ها قد غزاه جيش الجوع فسطا على دجاجة محشية بالبيض ورفعها إلى فمه فإذ به يقرض ذهباً أصفر حاداً وصلباً! فتتمزق شفتيه ويسيل دمه مع لعابه·
وبدافع الجوع كان يتصرف بتهور وينهش لحمة كبيرة من خروف محشي فتتصلب في يده ذهباً! ويذهب إلى البيضة ويقشرها بيد مرتجفة فتتحول إلى ذهب! أخيراً انقض الملك ميداس على الرز الأبيض، وملأ راحتيه ثم فمه، فصار ذهباً على هيئة الرز وانقطع نفسه فانهمر الذهب من فمه! عاد الملك ميداس يلفظ القطع الذهبية التي غص بها! كان وحيداً في غرفته الذهبية، بين سرير الذهب، وطعام الذهب، وموائد الذهب وسجاد الذهب والسقف الذهبي والكؤوس الذهبية· ولم يكن بوسعه وقد انهار من الجوع والعطش والخمر والخوف والذهب أن يصل إلى رتاجات الأبواب المغلقة، فجلس على مقعد من ذهب وأمام الطاولة الذهبية والموائد الذهبية المليئة بالطعام· ولم يكن بوسعه سوى أو النظر إلى الطعام الشهي، وتمنى هذه اللحظة أن تمنحه الآلهة نعمة الفقراء في التلذذ بالطعام! أدرك الملك ميداس خطيئته وقضى الليل كله منتحباً وباكياً يطلب المغفرة· وفي الصباح عندما فتح خادمه الخاص بابه كان رأس الملك ميداس يغوص في مائدة الرز الكبيرة، وبين يديه دجاجة ذهبية!