You are here

قراءة كتاب كل شيء على ما يرام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كل شيء على ما يرام

كل شيء على ما يرام

المجموعة القصصية "كل شيء على ما يرام" للكاتبة العراقية هدية حسين؛ نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
وكمن تتذكر:
 
أين هي؟ أين أمي؟
 
ولا تنتظر الإجابة، بل تعطي لنفسها الحق بالبحث في زوايا البيت تاركة لي فرصة استيعاب المشهد وتراكم الأسئلة·· من أين جاءت؟ وكيف احتفظت بدقة ملامحها ونعومة صوتها؟ ومن زعزع ذلك اليقين الذي يسكن أعماقي من أن الموتى يتزاورون فيما بينهم·· يتحدثون في شؤونهم ويعيدون على مسامع بعضهم ما مر بهم في تلك الرحلة العجيبة التي يسمونها الحياة؟ لو كان الأمر كذلك حقاً لعرفت بموت أمناً،· ولشاهدتها·· أي لغز غامض هو الموت؟
 
انقطع سيل تساؤلاتي وهي تدخل حاملة صورة تجمعني واياها في طفولتنا·
 
- هذه أنا وأختي التي تدعينها·· وبالطبع لا يمكن ان تعرفي ان الصورة التقطها أبي·
 
وفجأة تزعق:
 
- أين أشيائي الأخرى؟
 
ثم تنظر الى الجدران:
 
- هذا البيت لا أعرفه
 
أقول لها:
 
انتقلنا في غيابك· الى العديد من البيوت·
 
تكز على أسنانها وتقول بعصبية:
 
أنا لم أغب·· من قال ذلك؟ انك تفترضين أموراً لم تحدث·
 
تسكت قليلاً ثم تسأل:
 
من أنت؟ قولي أي شيء ولا تكرري بأنك أختي·
 
عبثاً أحاول افهامها·· أخذت تقاطعني مستنكرة كمن يعتقد أن لصاً دخل بيته واستولى على ممتلكاته·· واختفت ثانية في زوايا البيت وهي تدمدم بلغة مختلفة هذه المرة ·· ألقيت نظرة حولي·· سقط نظري على علبة الدواء فوق الكومدينو القريب من سريري· وتذكرت ان الوقت قد حان لأخذ ملعقة منه·· مددت يدي·· كان جسدي ثقيلاً وتعذر علي الوصول الى الدواء ·· وفي اللحظة التي شعرت بعجزي أطلت ثانية عند مدخل الباب·· نظرت الي·· لانت ملامحها·· ثم تقدمت نحو الدواء وناولتني اياه، وحين انتهيت من تناول الجرعة، أعادت العلبة الى مكانها ودنت من رأسي فأحسست أن يداً ناعمة تمتد تحته وتعدل بالأخرى الوسادة ·· اغمضت عيني، وما تزال مرارة الدواء على لساني·· شعرت بدوار خفيف، وبنقاط زرق تخترق ظلمة عيني·· تومض وتنطفئ ثم تتلاشى، وتنبثق نقاط أخرى لتلحق بها، كما نيازك نائية تذوب في الأفق البعيد·· ولا أدري كم مضى من وقت حين استفقت على صوت الممرضة يأتي على مقربة من رأسي·
 
كيف الأحوال؟
 
وقبل أن أجيبها تدس المحرار تحت لساني وترفع كم دشداشتي لتقيس الضغط ·· وبين ابتسامتها الهادئة وعمود الزئبق الذي يأخذ بالانخفاض تقول :
 
انك على ما يرام·· الحالة مستقرة·· وكذلك الحرارة، انها عند الحد الطبيعي·· ولكن ·· على من كنت تنادين؟

Pages