You are here

قراءة كتاب الاغتراب - دراسة تحليلية لشخصيات الطاهر بن جلون الروائية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الاغتراب - دراسة تحليلية لشخصيات الطاهر بن جلون الروائية

الاغتراب - دراسة تحليلية لشخصيات الطاهر بن جلون الروائية

يهدف هذا البحث إلى دراسة ظاهرة اغتراب شخصيات الطاهر بن جلون الروائية، إذ يطرح تساؤلات تشمل كل انواع اغتراب شخصياته في رواياته الاثنتي عشرة كالاغتراب الذاتي، الاجتماعي، الاقتصادي، الديني، المكاني، الوجودي، الزماني، اللغوي، ليشمل رد فعل الشخصية المغتربة كالان

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
ويعانى كثير من الباحثين حالة اغتراب وجودي تترجم إلى مقولاتهم وبحوثهم حول هذه الظاهرة فيعزو (ميدلتون) عدم فهمه لحقيقة ما يحدث على وجه
 
الدقة إلى أن الأشياء أصبحت معقدة للغاية في العالم اليوم (شاخت، 0 8 9 1، 9 2 2 ) ويرى (فروم) أيضا أن الأشياء أصبحت غريبة عن الإنسان،
 
ويرى (ياسبارز) العالم شيئاً غريباً كموضوع للمعرفة، فهو يقف على مبعدة منه... وهو بالنسبة له آخر، فهو موضع لامبالاته.. ولا يشعر بالأمن فيه،
 
لأنه لا يتحدث لغة شيء قريب منه، وكلما اقترب منه شعر بالضياع في هذا العالم الذي يبدو له قفراً كآخر فحسب، ويرى الشاعر الألماني (ريلكه) أننا
 
لا نحس بالإلفة بشكل وثيق في هذا العالم المضطرب (شاخت، 0 8 9 1، 72). وإذ نستقرئ مقولات الفلاسفة والباحثين السابقة،
 
نستطيع أن نرى مدى غربتهم الوجودية، غربتهم ليس عن العالم فحسب، بل عن أشياء هذا العالم، ولكنها مقولات أقرب إلى الملاحظات التي لا تصل إلى
 
حدّ النظريات الفلسفية التي استطاع ( سارتر ( أن يشكّلها ليصبح رائد الوجودية.
 
ويعدّ الاغتراب الزماني ( Temporal Alienation) من الأمور الغامضة ؛ لأن الارتباط بين الإنسان والزمن أكثر غموضاً من الارتباط بينه وبين
 
المكان، فالمكان ثابت نسبيا، أما الزمان فمتغيّر، وبالتالي فتأثيره النفسي على الإنسان أكثر غموضاً أيضاً، فالإنسان قد يشاهد شيئاً معيناً أو يحس بإحدى
 
الحواس الخمس أو بأكثر من حاسة واحدة، بينما يحتاج الإحساس بالزمن إلى الحاسة الفكرية أو الذهنية (منصور، 9 8 9 1،
 
57)، فالنفس الجوهرية عند ديكارت هي الضامن الميتافيزيقي للديمومة الشخصية وهنا نقع في اغتراب آخر وثيق
 
الصلة باغتراب الأنا عن ذاته هو اغتراب الأنا عن ماضيه، فالشك في الذاكرة وعدم الاطمئنان إلى ما تحويه من تجارب ومعارف هو نتيجة حتمية
 
للوجود الآني الخالص (الشاروني، 9 7 9 1، 39)، ويتضمن اغتراب النفس من وجه نظر (اريك فروم) و(هورني) انعدام الصلة بين الفرد وجزء حيوي
 
وعميق من نفسه أو ذاته (السيد، 6 8 9 1، 02) .
 
أما الاغتراب اللغوي ( Linguistic Alienation) فيتناوله فروم وذلك أثناء مناقشته للموقف الذي يصبح فيه المرء واقعاً تحت وهم مفاده أن نطق الكلمة
 
يعادل التجربة، وفي هذا الموقف فإن اللغة تجعل من نفسها بديلاً عن التجربة المماثلة، وبالتالي تكف عن أن تكون ما ينبغي أن تكون عليه أي رمزاً
 
للحقيقة، ولهذا السبب فإنه يصف اللغة هنا بأنها مغتربة (شاخت، 0 8 9 1، 7 9 1 )، فاللغة تصبح مغتربة عندما نقع تحت وهم
 
أن نطق الكلمة يساوي الشعور بها، و يضرب مثالاً على ذلك بكلمة (إني أحبك)، فعندما أقول هذه الكلمة، فإن ذلك يتضمن وجود حقيقة في
 
داخل نفسي هي (قوة حبي) وكلمة حب هي رمز لهذه الحقيقة الداخلية، ولكن عندما تنطق الكلمة فإنها (تبدو حياة بذاتها)، ويتحدث كذلك عن اغتراب اللغة
 
في مجال آخر وهو نقد طابع التجريد الفكري الذي يميز حياة الإنسان المعاصر، فعلى سبيل المثال عندما نقول (أنتج مستر فورد عدداً من السيارات، أو
 
عندما أقول (بنيت بيتاً) فإن مثل هذه العبارة تكون مضللة وتخفي كثيراً في الحقيقة، فالواقع إنني لم أبن بيتي وإنما قام ببنائه أناس آخرون) والملاحظ أن
 
هذا النوع الأخير من خداع اللغة يتحدث عنه ماركوز أيضاً، (فماركيوز) يرى أن المجتمع الصناعي المعاصر يلجأ إلى الاكليشيهات
 
والشعارات والعبارات المرعبة، الأمر الذي يزيف الدلالات ويميع المعنى الحقيقي للأشياء، ويحاول (ماركيوز) أيضا أن
 
يكشف عن الطابع العقلاني الكامن في عقلانية اللغة، فعلى سبيل المثال عندما نقول (تيلر ذو الحاجبين الكثيفين
 
- أبو القنبلة الهيدروجينية) فإننا بذلك إنما نقوم بعملية خداع مقصود يربط بين (التدمير) ومعنى (الأبوة)، فهنا نستخدم الوصف الأول (الأبوة) لمحو حقيقة
 
الشيء الثاني (التدمير) وفي هذا يظهر خداع العقل، وزيف أو اغتراب اللغة عن أداء وظيفتها الأساسية باعتبارها رمزاً للحقيقة. (عبد المنعم، 1 7 9 1،
 
65) فاللغة ليست زاداً من المواد، بقدر ما هي أفق، كما يرى (رولان بارت)

Pages