يهدف هذا البحث إلى دراسة ظاهرة اغتراب شخصيات الطاهر بن جلون الروائية، إذ يطرح تساؤلات تشمل كل انواع اغتراب شخصياته في رواياته الاثنتي عشرة كالاغتراب الذاتي، الاجتماعي، الاقتصادي، الديني، المكاني، الوجودي، الزماني، اللغوي، ليشمل رد فعل الشخصية المغتربة كالان
You are here
قراءة كتاب الاغتراب - دراسة تحليلية لشخصيات الطاهر بن جلون الروائية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الاغتراب - دراسة تحليلية لشخصيات الطاهر بن جلون الروائية
الصفحة رقم: 9
أما الاغتراب الذاتي عند (ماركس 8 1 8 1-3 8 8 1) فيستخدم بمعنيين : أحدهما يقوم على أساس أن عمل الإنسان هو حياته، وأن إنتاجه هو حياته في
شكل متموضع، ومن ثم فإنه عندما يغترب عنه، فإن ذاته تغترب عنه أيضاً. أما المعنى الثاني فيشير به ماركس إلى انفصال الإنسان عن حياته الإنسانية
الحقة أو الطبيعة الجوهرية، وبهذا المعنى فإن ماركس يقصد بالاغتراب عن الذات الفقد الكلي للإنسانية، وعلى هذا المستوى يصبح اغتراب الذات عند
ماركس مرادفاً لمعنى (نزع إنسانية الإنسان) (dehumanization). وهناك ثلاث سمات تمثل لدى ماركس الطبيعة الإنسانية الحقة للإنسان
هي: الفردية (Individuality)، والاجتماعية (Sociality)، والحساسية الراقية (cultivated sensibility)، واغتراب الذات يعني نزع إنسانية
الإنسان في مجالات الحياة المقابلة لتلك السمات، الإنتاج، الحياة الاجتماعية، الحياة الحسية (حماد، 5 9 9 1، 16)، ويتفق (جولدنر) مع ماركس
بشأن الاغتراب الذاتي بكوننا نعيش حياتنا كوسائل وأننا لا نعيش من أجل أنفسنا، وكذلك (آجور كول) الذي يرى أن اغتراب الذات هو ذلك الشعور بأن
الذات الخاصة والقدرات تصير شيئاً ما مغترباً، وتكون مجرد وسيلة أو أداة لغيرنا، أما (إميل دور كايم) (DURKHEIM 1 8 5 8-1 9 1 7)
فيختلف وماركس اختلافا جذريا ؛ إذ يرى أن اليأس والوحدة التي لا تحتمل في التاريخ الحديث والتي يصاحبها خوف
الذات، واكتئابها، وقلقها الزائد، تعد نتائج مباشرة للنزعة الفردية التي سادت المجتمع الحديث (الشتا، 4 8 9 1، 28)
ويقول (رسو 2 1 7 1-8 7 7 1) في كتابه (الاعترافات): يلاحظ غالباً أن معظم الناس في مجرى حياتهم لا يشبهون أنفسهم، وغالباً ما يبدو أنهم
يحولون أنفسهم إلى أناس مختلفين تمام الاختلاف (رجب، 8 7 9 1، 76) أما (باسكال 3 2 6 1-2 6 6 1) فيعزو اغتراب الفرد الذاتي إلى عوامل
وجدانية، بسبب عجز المرء عن الخلوة والتأمل والاعتكاف (بلدي، دت، 0 0 2 /1 0 2 ) أما (رسو) فيعزو انفصال الإنسان عن خصائصه الفطرية
الطيبة إلى وجوده في ظروف غير إنسانية. (السيد، 6 8 9 1، 81)
ويعكس الاغتراب الذاتي للإنسان - كما يرى الباحث - مستويين متباينين، فالمستوى الأول يمثله الشخص الذي يجاوز المجتمع ويتحرر من
حلم الجماعة وقيمها، التي قد لا تتلاقى وقيمه الإنسانية، فهو شخص استطاع الاكتفاء بذاته، وذلك كما عزا شاخت انعزال
الفرد اجتماعيا إلى كونه شخصا خلاقا، يضع التقاليد موضع التساؤل أو يخرج عنها، وكلما كانت أصالته أكثر عمقاً ؛ ازداد
اضطراره للاغتراب عن مجتمعه. أما المستوى الثاني فيمثله الشخص المهمش اجتماعيا، الذي لا يستطيع أن يجد ذاته داخل المجتمع ولا يمتلك أدوات
التعامل مع ذاته، لينتهي به الأمر إلى اغتراب ذاتي. ومن هذه الزاوية تم الولوج إلى شخصيات الطاهر عبر ثلاثة محاور رئيسة هي :
1. الشخصية المستغرقة في ذاتها.
2. الشخصية الهاربة من ذاتها.
3. الشخصية الباحثة عن ذاتها.