مئات بل آلاف الكتب ألفت حول حرب حزيران بين العرب و «إسرائيل» منذ وقوعها قبل أكثر من أربعين عاما، لكن النادر منها ما بني على أقوال وأحاديث زعيم من زعماء العرب إبانها، فما استشهد به الكتاب والمؤلفون من أقوال الزعماء العرب بشأن حرب حزيران كان نتفا وأجزاء وتصري
You are here
قراءة كتاب حربنا مع إسرائيل
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 3
حتمية النزاع
«كل ما أعددناه جعله التخريب هباءً»
«منذ اليوم الذي انسحبت فيه قوات الأمم المتحدة من قطاع غزة توقعت نتائج هذه الخطوة. كان الأمر واضحاً بالنسبة إليّ: لم يبقَ مفر من الحرب مع إسرائيل.
ذلك أن الإسرائيليين كانوا يعملون جاهدين في سبيل افتعال وضع شبيه بالوضع الذي نشأ قبل نزاع 1956، فتوسعوا في نشر أخبار هجمات الفدائيين العرب واستغلوا هذه الهجمات بمهارة بفضل دعاية مركزة تستهدف استدرار عطف العالم عليهم.
وفي هذا الوقت كان العرب في وضع لا يحسدون عليه، وإني أسوق، للتدليل على ذلك، الحوادث الآتية وهي غيض من فيض:
- الاعتداء الإسرائيلي على «السموع» في تشرين الثاني 1966.
- تدهور الموقف على خط الهدنة السوري، وقد بلغ هذا التدهور ذروته في 7 نيسان 1967، خلال الاشتباك الجوي الذي سببه تحليق سلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء السورية (كانت حصيلة هذا العدوان ست طائرات ميغ سورية أسقطها العدو في غضون ساعة).
ولا ننسى تهديدات أشكول ومسؤولين إسرائيليين آخرين بالهجوم على المواقع السورية واحتلالها عند الاقتضاء إذا استمرت دمشق في دعم الفدائيين التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد ردت العاصمة السورية بدعوة سفراء الدول الكبرى وإحاطتهم علماً بنيّات إسرائيل العدوانية، وهي نيّات تنم عنها الحشود الإسرائيلية الكثيفة على الحدود.
هذه السلسلة من الحوادث هي التي حملت عبد الناصر على حشد قوات في سيناء لأغراض دفاعية. ذلك أن الجمهورية العربية المتحدة وسوريا كانتا قد بعثتا ميثاق الدفاع المعقود بينهما وذلك منذ اليوم التالي للاشتباك الجوي الذي وقع في السابع من نيسان. والجدير ذكره أن هذا الميثاق الذي انفردت بعقده الدولتان إنما عُقد في أعقاب فشل آخر مؤتمر قمة عقدته الدول العربية في الدار البيضاء في شهر أيلول من العام 1965، فقد سلكت مناقشات المؤتمرين طريقاً مسدوداً مما أدى إلى شلّ نشاط القيادة العربية الموحدة.
ولتقدير خطورة غياب القيادة العربية الموحدة من جهة، ومن جهة أخرى انفراد دولتين عربيتين بعقد ميثاق عسكري متجاهلتين وجود ميثاق الدفاع المشترك، لا بد من إلقاء نظرة إلى الوراء للوقوف على أوضاع الجيوش العربية في ذلك الحين.
فبين كانون الثاني 1964 وأيلول 1965 عقد الزعماء العرب ثلاثة مؤتمرات قمة في القاهرة والإسكندرية والدار البيضاء. وقد التأم المؤتمر الأول بطلب من عبد الناصر في 17 كانون الثاني 1964. ولا بد من الإشارة إلى أني، قبل 18 شهراً من انعقاد مؤتمر القمة في القاهرة، وبالتحديد في 2 تموز 1962، أذعت بياناً بعنوان «الأردن والقضية الفلسطينية والعلاقات العربية» وقد ضمنت البيان وجهة النظر الأردنية التي تشدد على الطابع الحيوي الذي بات يتسم به إنشاء وحدة عربية حقيقية. مع العلم أني ما فتئت أردد أن الوحدة العربية عنصر أساسي بل رئيسي في طموحنا إلى نيل ما هو حق من حقوقنا. لهذا رحبت عام 1964 ببادرة عبد الناصر واعتبرت انعقاد مؤتمر قمة عربي خطوة لا بأس بها نحو الوحدة المنشودة.
أما جدول أعمال مؤتمر القمة الأول فقد أعطيت فيه الأفضلية للوسائل التي ينبغي اللجوء إليها لمنع إسرائيل من تحويل مياه الأردن لمصلحتها. أي أنه كان علينا أن نحمي المصالح العربية ولكن كيف؟
عقبة أولى ذات شأن غلّت أيدينا عن اعتماد الحل العسكري. فاللجوء إلى القوة عام 1964 لم يكن ممكناً ولا معقولاً بسبب الأوضاع السياسية والعسكرية السائدة في معظم البلدان العربية. لهذا ارتأينا أنه من الأفضل، بانتظار الظرف المواتي للجوء إلى السلاح، أن نبدأ نحن تحويل مجاري روافد الأردن، للحد من الأضرار التي تلحقها بنا مشاريع الري الإسرائيلية. ووجدنا في الوقت نفسه أنه ينبغي لنا أن نبادر إلى إحداث جهاز يتولى إنشاء قوة عربية مسلحة وينسق وسائلنا العسكرية المشتركة، وذلك لمواجهة أي تهديد من جانب إسرائيل. وقد أطلقنا على الجهاز اسم «القيادة العربية الموحدة» ووضعنا القائد المصري علي علي عامر على رأس هذا الجهاز.