الحمد لله حمدا يبلغني رضاه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خير من اصطفاه، وعلى آله الطيبين، وصحبه المخلصين الصادقين، وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين!.
أما بعد:
You are here
قراءة كتاب الإسلام والغرب وجها لوجه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الإسلام والغرب وجها لوجه
الصفحة رقم: 2
الإسلام والغرب وجها لوجه
صور من السماحة في الإسلام
كل من يقرأ ديننا وتاريخنا بإنعام نظر، من غير تعصب، يجد أن المسلمين كانوا متسامحين كل التسامح مع أصحاب الديانات الأخرى، فلم يضق ديننا صدرا بالأديان المخالفة له، ولم يتعصّب ضدّ الناس من ذوي المذاهب المتعددة. وقد نصّ القرآن الكريم على علاقة المسلم بغير المسلم في قوله تعالى:
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يُحبّ المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون( ).
وهاتان الآيتان نزلتا في قُتيلة ابنة عبد العُزّى والدة أسماء بنت أبي بكر الصديق، فقد جاءت بهدايا إلى ابنتها أسماء وكانت قتيلة مشركة، فأبت أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها، فسألت عائشة النبي، فأنزل الله هاتين الآيتينلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين... فأمرها أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها( ).
وواضح في سبب نزول هاتين الآيتين أنهما نزلتا في شأن المشركين من عبدة الأصنام والأوثان، ونجد القرآن الحكيم قد شرع البر بالمسالمين منهم والعدل فيهم، وذلك بأن يُعطوا حقوقهم كاملة، بل يُعطوا فوق حقوقهم كأن يتنازل المسلمون لهم عن بعض حقوقهم اختيارا منهم وكرما، وهذا يُفهم من قوله تعالى ..أن تبرّوهم.
وإذا كانت هذه المعاملة شرعها الله في شأن الوثنيين من عبدة الأصنام والأوثان، فإنّ أهل الكتاب أكّد القرآن وأكّدت السنّة على حسن معاملتهم أكثر؛ لأنّ معتقداتهم أقرب إلى معتقدات المسلمين من غيرهم، وقد سماهم القرآن (أهل الكتاب) تكريما لهم وتفضيلا على غيرهم، ولم يذكر القرآن رسولهم وكتابهم المنزّل إلا بكل تقدير وإجلال، وقد نصّ القرآن الكريم على عدم التفرقة بين رسل الله، فلا يكون المسلم مسلما إلا إذا آمن بموسى وعيسى وسائر أنبياء الله ورسله قال الله تعالى:
آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربه والمؤمنون كلّ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير( ).
ولم يكتف القرآن بهذا، بل ميّزهم بمعاملة خاصة، فأجاز التزوج من نسائهم، وأكل ذبائحهم، وأعطاهم الإسلام حرية الاعتقاد، وإقامة شعائرهم، وإعلان طقوسهم في بيعهم وكنائسهم وأحيائهم ومحلاتهم...كما نصّ القرآن الحكيم على أن النصارى أقرب مودة للمسلمين من غيرهم، فقال تعالى:
لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأنّ منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون..( ).
أما رسول الله فقد قال:
(أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا والآخرة)( ).
ومن مبادئ ديننا أننا لا نكره أي إنسان كان على الانضواء تحت لواء الإسلام، لأنّ العقيدة لا يجوز الإكراه فيها. فمن أراد أن يدخل في الإسلام فليدخل إذا كان مقتنعا به وراضيا في الدخول فيه، قال تعالى:
لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي( ).
ومن مبادئ ديننا: أنّا إذا وقع جدال بيننا وبين أصحاب الديانات الأخرى، فنجادلهم بأحسن أدب الجدال، مقيمين الحجة والبرهان على ما نقوله، فإذا كان هناك طريقان حسن وأحسن فإنّا نجادلهم بالتي هي أحسن، قال الله
تعالى: