You are here

قراءة كتاب الإسلام والغرب وجها لوجه

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإسلام والغرب وجها لوجه

الإسلام والغرب وجها لوجه

الحمد لله حمدا يبلغني رضاه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خير من اصطفاه، وعلى آله الطيبين، وصحبه المخلصين الصادقين، وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين!.
أما بعد:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 3
ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن( ).
ونهى القرآن عن مسبة الذين يدعون من دون الله فقال تعالى:
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم( ).
ولقد طبّق النبي مبادئ التسامح مع غير المسلمين، فكان يتعاهد جيرانه-من غير المسلمين- ببره وإحسانه، ويقدم لهم الهدايا ويقبل منهم هداياهم. ولما جاءه وفد نصارى الحبشة أكرمهم النبي  وأنزلهم في مسجده وقام هو صلوات الله وسلامه عليه على خدمتهم، وكان مما قاله:
إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين؛ فأحبّ أن أكرمهم بنفسي( ).
ولما جاء وفد نجران إلى النبي  قام النبي الكريم بإنزالهم في مسجده-أيضا- وسمح لهم أن يقيموا صلاتهم فيه، فكان رسول الله  والمسلمون معه يصلون في جانب من جوانب المسجد، وكانوا هم يصلون في الجانب الآخر( ).
وعلى هدي النبي الكريم  سار خلفاؤه الراشدون ومن جاء بعدهم. فهذا سيدنا عمر بن الخطاب لما جاء ليتسلّم مفاتيح بيت المقدس، وحانت صلاة العصر-وهو بجوار كنيسة القدس الكبرى-أبى أن يصلي فيها، خشية أن يأخذها منهم المسلمون-فيما بعد- ويتخذوها مسجدا ويقولون: ههنا صلى أمير المؤمنين.
ويحدثنا التاريخ أنه (لما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن، وعسكر أبو عبيدة في فحل، كتب الأهالي المسيحيون في هذه البلاد إلى العرب يقولون: (يا معشر المسلمين، أنتم أحب إلينا من الروم- وإن كانوا على ديننا- أنتم أوفى لنا، وأرأف بنا، وأكف عن ظلمنا، وأحسن ولاية علينا، ولكنهم غلبونا على أمرنا وعلى منازلنا)( ).
ولقد أعطي أهل الكتاب وظائف عالية في دولة الإسلام: فقد أسند معاوية بن أبي سفيان وظيفة الإدارة المالية في الدولة لأسرة مسيحية، وظلّ أبناء الأسرة يتوارثون تلك الوظائف فترة طويلة من الزمن. وأسند -أيضا- جباية خراج حمص-وهي وظيفة مالية- إلى طبيبه(ابن آثال)( ). واتخذ عبد الملك بن مروان (أثناسيوس) – وهو عالم مسيحي من مدينة الرها- مؤدبا لأخيه عبد العزيز( )، وكان الخليفة العباسي المعتصم بالله قد اتخذ أخوين مسيحيين بوظائف الدولة: أحدهما يُدعى (سلمويه)، وكانت وظيفته كوظيفة الوزير في العصر الحديث، ولا تنفذ الوثائق إلا بعد توقيعه عليها، كما عهد إلى أخيه (إبراهيم) بحفظ خاتم الخليفة وخزانة بيوت الأموال( ).
ولا يتمثل العدل الذي طبّقه المسلمون في معاملاتهم لأهل الكتاب، بل تعداها إلى إنصاف المظلومين من الظلم الذي وقع بين أهل الكتاب بعضهم مع البعض الآخر: فقد كانت مصر محتلة من الرومان الذين أرهقوا المصريين بمصّ دمائهم بكثرة الخراج الذي فرضوه عليهم، فلما فتحت (مصر) بقيادة عمرو بن العاص، تنفّس النّاس الصعداء، وعاش المسيحيون في ظلّ الإسلام في أمن وأمان. وقبل أن تفتح هذه البلاد كان المقوقس يضطهد القبط المسيحيين؛ لأنهم كانوا على مذهب(اليعقوبية) الذي يصطدم مع مذهب الدولة الرومانية. وحسبنا أن نذكر هنا أنّ (بنيامين) كان على رأس كنيسة الإسكندرية، وقد أصابه ما أصابه من الاضطهاد، حتى اضطرّ إلى الاختفاء في أحد الأديرة، فلما فتحت مصر دعاه (عمرو بن العاص) إلى العودة إلى كنيسته ليمارس شعائر دينه بكل حرّية، وعاد البطريرك ليرعى كنائسه بعد ثلاثة عشر عاما قضاها مختفيا .! لقد عاد مكرّما في ظلّ دولة الإسلام التي أعطت الحرّية الدينية لأتباع الأديان الأخرى( ).

Pages