الحمد لله حمدا يبلغني رضاه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد خير من اصطفاه، وعلى آله الطيبين، وصحبه المخلصين الصادقين، وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين!.
أما بعد:
You are here
قراءة كتاب الإسلام والغرب وجها لوجه
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

الإسلام والغرب وجها لوجه
الصفحة رقم: 5
مع الحروب الصليبية وسقوط بغداد
الحروب الصليبية: هي سلسلة من الحروب، شنها المسيحيون الأوربيون لاستعادة الاراضي المقدسة -وبخاصة القدس- من المسلمين( )، او للمحافظة على الإمارات الصليبية التي تكونت في البلاد الشامية، وهي تمثل الصراع بين الشرق والغرب، واستمرت مدةَ قرنين من الزمن( ). وتعددت وجهات النظر في أسباب قيامها، لكن الذي تطمئن اليه النفس أنّ من أسبابها: ذلك الانتشار الواسع للإسلام، وفتحه لكثير من المناطق في آسيا وإفريقيا وأوربا، وقد كانت تلك المناطق من قبل تحت النفوذ المسيحي. وقد أثار هذا حفيظة الغربيين، فتأجج الحقد في قلوبهم، وتأصلت نار العداوة في نفوسهم، وغلا الدم في عروقهم، فصاروا يتحينون اهتبال الفرصة المناسبة، ليستردوا مجدهم الضائع اولاً، وليشفوا حقدهم من المسلمين بعد ذلك.
من هنا كانت البداية
كان من أوائل من دعا إلى الحروب الصليبية البابا (سلفستر الثاني) سنة1002م. ومع الجهود الجهيدة التي بذلها لم يجد آذانا صاغية له، وذهبت جهوده ادراج الرياح.
وجاء من بعده (جرجريوس السابع) سنة 1075م حاملا الدعوة نفسها: فقد نظر إلى العالم المسيحي من حوله، فرأى الفرقة قد دبّت بينهم، فأراد أن يجمع كلمتّهم، ويوحد جهودهم ضد المسلمين في الأندلس، وقد نجحت دعوته في ذلك : فجيشت الجيوش الأوربية ضد مسلمي الأندلس! لكن الله هيأ لهم أميرا عظيما وقائدا شجاعا هو: ( يوسف بن تاشفين) أمير المرابطين في المغرب ، استطاع ان ينتصر عليهم في معركة (الزلاقة)، ويردهم على أعقابهم خائبين، وذلك سنة 479هـ .
أما البابا (اوريال الثاني)، فقد دعا إلى حرب صليبية عامة ضد المسلمين، وذلك في سنة 489-1095، داعياً الأمراء إلى نبذ خلافاتهم لتخليص بيت المقدس من أيدي المسلمين: (وأعلن انه سيغفر ذنوب كل من يشترك في هذه الحرب وخطاياهم، ودعا كل من يذهب في الحرب أن يحمل شارة الصليب على صدره...)( ).
معركة ملاذ كرد( )
يذكر المؤرخون معركة تسمى (ملاذ كرد) وقعت بين الجيش الإسلامي بقيادة السلطان السلجوقي ( الب ارسلان) من جهة، وبين الجيش الروماني بقيادة (رومانوس) من جهة أخرى، وذلك سنة 463هـ، وكان الجيش الروماني يقدر بمائتي الف او يزيدون. وأبلى المسلمون بلاءاً حسنا في المعركة، تمثل فيه الجهاد الإسلامي في صورة من أروع صوره في الاستبسال والشجاعة، وانجلت المعركة عن اندحار الجيش الروماني، وأسر أعداد كثيرة منهم . ولكن ما ان انتهت المعركة، حتى أعد الغرب عدته للقيام بالحرب الصليبية، وقد باشر بعد ثلاثين سنة؛ فابتدأت سنة 494هـ، ولم تتوقف الا في سنة 690هـ، بعد أن حرر (السلطان الاشرف) مدينة (عكا) ممن بقي من الصليبيين.
دور بطرس الناسك في الحروب الصليبية
كان لبطرس الناسك دور مهم في تجييش الجيوش في الحملات الصليبية، حيث ذهب الى بيت المقدس، وغاظه ما رأى من السيادة الاسلامية على الاماكن المقدسة، وأذهله –في الوقت نفسه- ما رآه من ضعف المسلمين، وتشتت شملهم، وتفّرق كلمتهم، وكثرة النزاعات بين أمرائهم، فعاد إلى موطنه (فرنسا) اولاً، ثم الى عدد من دول الغرب –ومنها روما- واجتمع بالبابا، واتفق معه على ان يكون داعية للحروب الصليبية، بعد أن بيَّن أن الفرصة قد حانت للإنقضاض على المسلمين ، الذين يعانون من الوهن و الضعف؛ لاستخلاص بيت المقدس وكنيسة القيامة من ايديهم، وأشاعوا في العالم الغربي لدى الشعوب المسيحية: أن بيت المقدس في خطر؛ فلا بد من العمل لاستخلاصه من أيدي المسلمين...!.
وهكذا حشدت أوربا الحشود، وجمعت الجموع منطلقة نحو بيت المقدس. واستمرت هذه الحروب التي عرفت باسم الحروب الصليبية قرنين من الزمن: تذهب حملة وتجئ اخرى بقيادة ملك من ملوك أوربا، على الرغم من الخسائر التي منيت بها هذه الحملات. وانكشفت الحقيقة للناس بعد ذلك وتبين لهم أن القدس لم تكن في خطر، وذلك حين عادت بقايا من الحملات الصليبية، وأعلنوا ذلك أمام الناس، فما كان من الكنيسة الا أن قامت بقتلهم؛ خشية أن ينتشر الخبر بين الناس أكثر. ولما لم تحقق هذه الحملات ما تصبو اليه، فقد أعدت العدة لإخراج المسلمين من الفردوس المفقود (الأندلس)، وقد نجحت في ذلك بما اتبعته من قتل وتنكيل وإرهاب بالمسلمين؛ حتى أخرجوهم منها. وسل محاكم التفتيش تنبئك عما اجترحته من جرائم لم يشهد التاريخ لها مثيلا، فقد صارت مضرب الأمثال في الوحشية من أجل استئصال الإسلام من البلاد، والكتاب الأوربيون هم الذين اعترفوا بذلك!.