You are here

قراءة كتاب الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة

الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد، فقد شرع لنا رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم سنن الهدى، وخير الهدي هديه، وكان صحابته رضي الله عنهم التطبيق العملي للإسلام وفق التربية النبوية، وكانوا نماذج يقتدى بها ويهتدى بعملها

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 6

صور من زهد الصحابة

لقد شاعت في عصور ما بعد الصحابة صور من الزهد السلبي، ذلك الزهد الذي يقوم على التخفف من متاع الدنيا، والإعراض عنها، والانكفاء على العبادة: صوما وصلاة وذكرا وانقطاعا عن الناس.
هذا المنهج لو اتخذه الصحابة لما انتشر الدين في الأرض، ولا كانت الفتوحات الإسلامية، ولا دخل الناس في دين اللّه أفواجا.
كان زهد الصحابة رضي اللّه عنهم زهدا إيجابيا، تجلى بالإيمان باللّه تعالى، وهجر ما كان عليه قومهم من الشرك، وسيئ الأخلاق. ودفعهم هذا الزهد إلى احتمال الأذى في سبيل اللّه، وهجر الديار، فهاجر منهم إلى الحبشة مجموعة، ومنهم من هاجر إليها مرتين، ونال الشهادة منهم جماعة من تعذيب الكفار لهم، ونذكر ياسرا وزوجته سمية، رضي الله عنهما، ثم كانت الهجرة إلى المدينة المنورة، التي تجلى فيها زهد المهاجرين في الوطن الذي نشأوا فيه، والعلاقات التي كانت موصولة فقطعوها، ومنهم من ترك ماله وفدى نفسه به ليتركه المشركون يهاجر، وقال رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم)في ذلك لصهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه : «ربح البيع أبا يحيى».
وكان من زهد الأنصار أن فسحوا لإخوانهم في ديارهم، كما فسحوا لهم في قلوبهم، فآخوهم، وشاركوهم الديار والطعام والشراب، وصاروا إخوة في اللّه، لا غرباء ولا ضيوفا.
وكان من زهد الصحابة هذا الإنفاق في سبيل اللّه، جودا بالمال، رغبة في الأجر العظيم عند اللّه، فقد كان منهم التجار والزراع والصناع، وكانوا يكسبون المال، لكن ذلك المال كان في أيديهم جاهزا للإنفاق، ولم يستعبدهم، ولم يقعوا في حبه حبا يورثهم الشح القاتل.
وكان الواحد منهم يسمع قوله تعالى:
(لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقٌوا مِمَّا تُحِبٌّونَ)
فيجد احدهم أن ما يحبه بستان، فيجعله في سبيل اللّه.
ويجد الواحد منهم أن ما يحبه بئر عذب الماء، فيجعله وقفا للمسلمين يشربون منه.
ويجد احدهم أحب شيء إليه جارية من جواريه، أو عبدا من عبيده، فيعتقه في سبيل اللّه.
وكان من زهد الصحابة هذا الجود بالنفس وهو أعلى درجات الجود، فكانوا يخوضون المعارك، يقاتلون المشركين، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، وكان الواحد منهم حريصا على نيل الشهادة، فالموت في سبيل الله أحب إليه من الدنيا وما فيها.
ونستذكر أبا أيوب الأنصاري، رضي الله عنه،ذلك الشيخ الذي جاوز الثمانين يخرج مجاهدا في سبيل اللّه، ويموت على أسوار القسطنطينية.
تلك ألوان من الزهد نجد لها العشرات والمئات من الأمثلة في حياة الصحابة رضي الله عنهم ، وقد كان زهدا إيجابيا، قاموا فيه بدورهم في الحياة، وحملوا الأمانة التي ألقاها الرسول (صلى الله عليه وسلم)على كواهلهم حين قال:
«ألا هل بلغت اللهم فاشهد»
وجعل من مسؤولية الحاضر أن يبلغ الغائب.

Pages