You are here

قراءة كتاب الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة

الزهد في الإسلام - قراءة في صفة الصفوة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد، فقد شرع لنا رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم سنن الهدى، وخير الهدي هديه، وكان صحابته رضي الله عنهم التطبيق العملي للإسلام وفق التربية النبوية، وكانوا نماذج يقتدى بها ويهتدى بعملها

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 7

زهد الصحابة والضبط النبوي

كان من مقاصد ابن الجوزي في كتاب صفة الصفوة جمع كتاب في أخبار الصالحين يكون دواء للنفوس، بتحقيق اليقظة والتزود بالعمل الصالح. وأولى من يقدم بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، هم تلامذته الذين كانوا جيلا قرآنيا فريدا، رباه النبي (صلى الله عليه وسلم)على عينه، فهم النماذج المنصوبة أمام المسلمين في سائر العصور.
وقد رأينا بعد عصرهم شيوع مفاهيم ومناهج للزهد خرجت به عن المفهوم النبوي، والتطبيق الصحابي، ولم يعد مسلكا فرديا، بل صار طريقة تؤخذ عن الشيوخ، وتشيع في المجتمعات الإسلامية،.
وقد ظهرت بعض النوازع نحو ذلك الزهد السلبي في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم)فضبطها، ووجهها، وردها إلى الجادة، ومن ذلك ما كان من حال عثمان بن مظعون ،رضي الله عنه، الذي كان يقوم الليل، ويصوم النهار، وأعرض عن زوجته حتى ظهر ذلك على حاله، ولفت نظر السيدة عائشة رضي الله عنها فذكرت الأمر لرسول الله(صلى الله عليه وسلم)فقال له:
«يا عثمان، إن الرهبانية لم تكتب علينا أفمالك فيّ من أسوة، فو الله إن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لأنا».
ولنقف عند هذا القول القاعدة في السلوك:
«إن الرهبانية لم تكتب علينا»
وكأنه يقول لعثمان بن مظعون: إن استغراقك في العبادة استغراقا ينسيك الحقوق الأخرى الواجبة عليك في الدنيا هو باب من «الرهبنة»، والرهبنة ليست من الإسلام.
وهذا الأمر يتجلى كذلك في موقف النبي(صلى الله عليه وسلم) من الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيته في غيابه، فسألوا عن عبادته، فكأنهم رأوها أقل مما يحبون أو يتوقعون، وعللوا ذلك بأنه رسول الله، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه، فتعاهدوا على أمور:
فقال أحدهم: أنا أصوم الدهر ولا أفطر.
وقال الثاني : وأنا أقوم الليل ولا أنام.
وقال الثالث: وأنا اعتزل النساء فلا أتزوج.
وهي كما نرى عبادات، أو مساعدات على العبادة، ولكنها باب من أبواب الرهبانية، وكان موقف النبي (صلى الله عليه وسلم)منها حازما حين دعاهم، وسألهم عما قالوا، وبين لهم أن ما أرادوه مخالف لسنته ومنهجه، فهو يصوم ويفطر، ويقوم ويرقد، ويتزوج النساء،
وقال: «فإن ذلك من سنتي، فمن ترك سنتي فليس مني».
المنهج النبوي في الزهد هو المنهج المطلوب، وهو منهج متوازن، يعطي كل ذي حق حقه، فللبدن حق، وللأهل حق، وللضيف حق :
«فأعط كل ذي حق حقه».
وقد يجد من يريد الخروج عن هذا المنهج المتوازن نزوعا «فرديا» لدى بعض الصحابة هنا أو هناك، ولكن ذلك النزوع لم يتحول إلى منهج له طريقة وشيخ واتباع بل ظل أمراً «فرديا» له علاقة بالتوجه والطبيعة الفردية والشعور الفردي للعلاقة بالله سبحانه، ذلك الشعور الذي يغلب عليه الترهيب بدلا من الترغيب فيتولد في النفس قلق يزعج النفس، ويكفها عن بعض طيبات الدنيا.

Pages