نزول القرآن على سبعة أحرف يسر على الأمة الأمية تلاوة القرآن فراعى أحوالهم واختلاف لهجاتهم، فزادهم بالتيسير بشراً وحبوراً، واستقرت الأحرف من خلال معارضة جبريل القرآن مع النبي كل عام، فأضحت معروفة بالقراءات، ووقى الله سبحانه وتعالى الأمة الاختلاف قطميراً كان
You are here
قراءة كتاب إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
حقائق مُسلَّمة
تظهر من الروايات السابقة مُسلَّمات كثيرة، منها ما يتعلق بالأحرف القرآنية السبعة، ومنها ما لا يتعلق بها، ومن القسم الأول الحقائق التالية:
1. أن الغاية من طلب النبي للأحرف والاستزادة إلى الحد السابع هي التيسير، يدل على ذلك قوله : ( إنّ أمتي لا تطيق ذلك) عند السماح بحرف وحرفين وثلاثة، وقوله أيضاً : ( فاقرأوا ما تيسر منه).
2. لم يحتج النبي للأحرف في مكة، إبان نزول القرآن المكي، وظهرت الحاجة في المدينة المنورة، فقد ثبت أن ورود التخفيف بذلك كان بعد الهجرة، كما تقدم في حديثأبي بن كعب؛ ( أن جبريل لقي النبي وهو عند أضاة بني غفار)، وأضاة بني غفار موضع بالمدينة النبوية؛ ينسب إلى بني غفار، نزلوا عنده(13) بعد الهجرة.
3. أنّ حصول التيسير بالأحرف السبعة كان قبل وجود القراء السبعة تحديداً، فلا رابط بين عدد القراءات السبع والأحرف السبعة، على أنه لا دليل على عدم تداخل الأحرف بالقراءات.
4. مدى حرص الصحابة الكرام على القرآن الكريم، وعنايتهم بتلاوته كما نزل على النبي ، وامتناعهم عن قبول ما لم يسمع من النبي مشافهة، بخلاف من يظن أن القراءات نشأت بسبب احتمالات الرسم العثماني، دون تفريق بين القراءات المتواترة والشاذة، فالشاذة غير المسندة هي التي قد تكون نشأت بهذا السبب وأشباهه.
5. اختلاف قراءة أصحاب النبي ، ونبيهم بين أظهرهم، يدل على أنه بادئ الأمر لم يسمح إلا بحرف واحد، ثم طرأ السماح عند الحاجة لكن ضمن ما نزل به الوحي، وليس مطلقاً، ولذلك كان رسول الله يؤيد قراءتهم بقوله: ( كذلك أنزلت)، وهذا يؤكد أن لا رابط بين ثبوتها وكيفية رسم عثمان رضي الله عنه لها، إلا من جهة أن عثمان رضي الله عنه رسم القرآن بما يوافق النازل لا العكس.
6. الأحرف السبعة كافية شافية بنص الحديث الشريف.
7. الأحرف السبعة تفسح المجال أمام القارئ أن ينطق بالكلمة القرآنية على وجوه متعددة، لكن التشهي لا يقبل في هذا المجال، فلا بد أن يكون الوجه أو الوجوه الأخرى وحياً من السماء، نزل به جبريل عليه السلام على قلب سيدنا محمد ، ثم قرأ به الرسول ، فليس من الجائز على بعض العرب الذين يكسرون نون المضارع مثلاً أن يفعلوا ذلك في قراءة القرآن إلا إذا وافقهم الوحي.
8. اتفقت الأمة على تواتر القرآن بتمامه، دون نقص، ودون زيادة، ومن ثَمّ لا يجوز أن تترك بعض الأحرف، ولا يسمح بزيادة حرف أو بتغيير كلمة أو إبدالها، لأن الزائد حينئذٍ لا يكون قرآناً.
9. نزول الأحرف السبعة ثابت بالجملة، أما تحديدها فغير ثابت، ولم يثبت نسخها، ولا إلغاؤها في حياة النبي ، ولا إلغاء الصحابة لها، ولا تركها، ولا نسيانها، ومن هنا ظهر الاختلاف في معنى الأحرف وتحديدها.
10. كان جبريل يعارض النبي القرآن- أي: يقرأه النبي عليه- في كل عام مرة، وفي العام الأخير مرتين، وكان بعض الصحابة يشهدون هذه العرضات، فيحتمل أن يكون جبريل عارض رسول الله في كل مرة بحرف، ليوسع على الأمة، فسمع الصحابي ذلك الحرف، أو حضر تلك العرضة، فقرأ به، ومن هنا اختلف عدد منالصحابة في القراءة، فوافق رسول الله على قراآتهم، لكن بعد أن سمع من كل واحد منهم(14).
11. اتفقت الأمة على أنه لا يجوز أن يقرأ القرآن بكل ما يحتمله الرسم القرآني، فمطلع سورة البقرة لا يقرأ كما يقرأ مطلع سورة الشرح، مع اتفاقهما في الرسم هكذا {الم}.
12. إنما ساغ لعمر رضي الله عنه ذلك الاختلاف مع هشام رضي الله عنه، لرسوخ قدم عمر في الإسلام، وسابقته، بخلاف هشام فإنه كان قريب عهد بالإسلام، فخشي عمر من ذلك إلا يكون أتقن القراءة، وكان سبب اختلاف قراءتهما أن عمر حفظ هذه السورة (الفرقان) قديماً، ثم لم يسمع ما نزل فيها بخلاف ما حفظه وشاهده، ولأن هشاماً من مُسلمة الفتح، فكأن النبي أقرأه على ما نزل أخيراً، فنشأ اختلافهما من ذلك، ومبادرة عمر للإنكار محمولة على أنه لم يكن سمع حديث الأحرف السبعة إلا فيهذه الوقعة(15).