You are here

قراءة كتاب إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات

إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات

نزول القرآن على سبعة أحرف يسر على الأمة الأمية تلاوة القرآن فراعى أحوالهم واختلاف لهجاتهم، فزادهم بالتيسير بشراً وحبوراً، واستقرت الأحرف من خلال معارضة جبريل القرآن مع النبي كل عام، فأضحت معروفة بالقراءات، ووقى الله سبحانه وتعالى الأمة الاختلاف قطميراً كان

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 6

القول الثالث

قيل: إن الأحرف هي سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، على معنى أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير عن أحد المعاني يأتي القرآن مُنزلاً بألفاظ على قدر هذه اللغات لهذا المعنى الواحد، وحيث لا يكون هناك اختلاف فإنه يأتي بلفظ واحد، فهي معانٍ متفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه، خلافاً ينفيه ويضاده؛ كالرحمة التي هي خلاف العذاب، نحو : هلمّ، أقبل، تعال، عجل، أسرع، نحوي، قصدي، فهي ألفاظ مختلفة لمعنى واحد.
وهذا القول منسوب لجمهور أهل الحديث والفقه، ومنهم شيخ المفسرين الطبري المتوفى سنة (310هـ)، واستدل على صحة قوله بروايات أشهرها: أن رسول الله قال: ( قال جبريل: اقرأ القرآن على حرف، قال ميكائيل عليه السلام: استزده، فقال: على حرفين، حتى بلغ ستة أو سبعة أحرف، فقال: كلها شافٍ كافٍ، مالك يختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب، كقوله: هلم وتعال) (32).
ثم أجاب الطبري(33) على الشبهات فقال:( فإن قال قائل: في أي كتاب الله نجد حرفاً واحداً مقروءاً بلغات سبع مختلفات الألفاظ متفقات المعنى، فنسلم لك صحة ما ادعيت من التأويل في ذلك؟.
قيل: إنا لم ندع أن ذلك موجود اليوم، وإنما أخبرنا أن معنى قول النبي : (أنزل القرآن على سبعة أحرف ) على نحو ما جاءت به الأخبار التي تقدم ذكرها دون ما ادعاه مخالفونا في ذلك.
فإن قال: فما بال الأحرف الأخر الستة غير موجودة إن كان الأمر في ذلك على ما وصفت، وقد أقرأهن رسول الله أصحابه، وأمر بالقراءة بهن، وأنزلهن الله من عنده على نبيه ؟ أنسخت فرفعت، فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أو نسيتهن الأمة، فذلك تضييع ما قد أمروا بحفظه؟ أم ما القصة في ذلك؟
قيل له: لم تنسخ فترفع، ولا ضيعتها الأمة وهي مأمورة بحفظها، ولكن الأمة أمرت بحفظ القرآن، وخيّرت في قراءته وحفظه بأي تلك الأحرف السبعة شاءت، كما أمرت إذا هي حنثت في يمين، وهي موسرة أن تُكفّر بأي الكفارات الثلاث شاءت، إما بعتق أو إطعام أو كسوة، فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث دون حظرها التكفير بأي الثلاث شاء المكّفر كانت مصبية حكم الله، مؤدية في ذلك الواجب عليها من حق الله، فكذلك الأمة، أمرت بحفظ القرآن وقراءته، وخيّرت في قراءته بأي الأحرف السبعة شاءت، فرأت – لعله من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد – قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما أذن في قراءته به) انتهى كلام ابن جرير الطبري.
ورُدّ هذا القول من وجوه(34):
أحدها: صعوبة حصر الأحرف السبعة بناء على هذا القول، إذ المذكورات ( هلم وتعال...) من قبيل ضرب المثل فقط.
ثانيها: يلزم قصر الأحرف السبعة على بعضها، وذهاب الأحرف الستة الأخرى، دون نسخ أو رفع، وتلك ورطة لا تخفى على كل ذي لب، ولعلها أسلمت أصحاب هذا القول إلى ورطة أخرى، هي دعوى إجماع الأمة على أن تَثْبُت على حرف واحد، ولا دليل على ذلك الإجماع، وقد لا يستساغ إلغاء الرخصة بالنطق بألفاظ القرآن بوجوه متعددة، والحاجة قائمة إلى يومنا هذا، فإننا نشاهد الألسنة غير العربية لا يتيسر لها أن تحسن النطق ببعض الحروف، فإغلاق باب الرحمة غير مقبول، فكيف إذا كان في إلغاء أحرف نزلت من السماء تيسيراً وتخفيفاً.
ثالثها: أن الذين شايعوا هذا المذاهب يقولون: القراءات على اختلافها اليوم ترجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة، ولا دليل على ذلك، ثم إن القراءات المنقولة إلى اليوم منها ما هو من لغات القبائل، ومنها ألفاظ مترادفة لمعنى واحد، فكيف تكون لحرف واحد؟!.

Pages