You are here

قراءة كتاب إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات

إضاءات في التفريق بين الأحرف السبعة والسبع القراءات

نزول القرآن على سبعة أحرف يسر على الأمة الأمية تلاوة القرآن فراعى أحوالهم واختلاف لهجاتهم، فزادهم بالتيسير بشراً وحبوراً، واستقرت الأحرف من خلال معارضة جبريل القرآن مع النبي كل عام، فأضحت معروفة بالقراءات، ووقى الله سبحانه وتعالى الأمة الاختلاف قطميراً كان

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار المأمون
الصفحة رقم: 3

قصة الأحرف السبعة والقراءات

تعددت القبائل العربية، وتغايرت أنماط حياتهم، وتفاوتت قدراتهم فاختلف لغاتهم، إضافة إلى ما اقتبسوه من جيرانهم، ومن أسواق أشعارهم، فكان لكل قبيلة لهجة، ليست في القبائل الأخرى، مثل كشكشة قيس، وعنعنة تميم، أما كشكشة قيس فأنهم يجعلون كاف المؤنث شيناً فيقولون في (تحتك): تحتش، وأما عنعنة تميم فإنهم فيقولون في (أن) :عن، وبعضهم يبدل السين تاء، فيقول في (الناس) : النات(16)، ومثل ذلك قبيلة حمير التي تبدل لام التعريف ميماً، فيقولون في كلمة (البر): امبر، إذ روي أن رسول الله قال: ( ليس من امبر امصيام في امسفر)(17) بلغة بعض أهل اليمن.
وليس غريباً أن تختلف لغات القبائل العربية، لأن بُعد المسافة، وتعصب القبيلة الواحدة، وانعزال أفرادها، واختلاف عاداتها، أسباب تفرض اختلاف اللهجة، كما هو واضح في بلادنا العربية الآن مع تيسر أسباب الاتصال، إلا أن عدة عوامل هيأت لقريش، فجعلت للغتها الصدارة، كجوار البيت، وعمارة المسجد الحرام، واقتضت حكمة الباري سبحانه أن يرسل كل رسول بلغة قومه؛ قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}(18)؛ لأجل هذا نزل القرآن بلسان قريش ومن جاروهم من العرب الفصحاء، تأليفاً للقلوب، وتحقيقاً لإعجاز القرآن، وتيسيراً للحفظ والفهم.
وهكذا بقي الأمر في مكة المكرمة، ينزل القرآن على قوم يتفقون في اللهجة، فلا يجدون مشقة في قراءته، ولما اتسعت الرقعة في المدنية المنورة، وشملت القبائل المنتشرة برزت الحاجة إلى مراعاة اللهجات، فسّهل الله سبحانه وتعالى على الناس أن يقرأوا القرآن على سبعة أوجه، وهي التي جرت عادتهم باستعمالها غالباً، ولم يكلف أحداً منهم أن ينتقل من لغته إلى لغة أخرى؛ للمشقة ولما كان فيهم من الحمية للغتهم، كل ذلك مع اتفاق المعنى(19).
ولا يَعزُبُن عن بالك أن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي ، فلا يجوز تغيير الكلمة بمرادفها كيفما اتفق، بل المراعى في ذلك السماع من النبي ، ويشير إلى ذلك قول كلٍ من عمر وهشام رضي الله عنهما: (أقرأني رسول الله )، وقول النبي : ( أقرأني جبريل)، وقد سبق بيان هذا في الروايات سالفة الذكر.
لقد طلب رسول الله أن يهوّن على أمته، والتي لا تطيق أن تقرأ على حرف واحد، والتسهيل في هذا المجال لا يخلو أن يكون بأحد التسهيلات الآتية أو جميعها أو بعض منها، وهي:
1. أن ينزل جبريل بحرف في كل عام حين يعارض النبي القرآن في رمضان، فيسمع بذلك الصحابي، أو يأمر النبي صحابياً من كتّاب الوحي أن يكتب ذلك الحرف كما نزل، وبذلك يكون الحرف الذي سمعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير الحرف الذي سمعه هشام رضي الله عنه، وهكذا فيبلغ الصحابي ذلك الحرف، وفي ذلك توسعة لقراءة القرآن بأكثر من وجه.
2. أن يأتي الحرف النازل موافقاً لأشهر اللهجات، ولا يخفى مدى التوسعة على أصحاب تلك اللهجات ومن جاورهم، عند تمكينهم النطق بلغتهم.
3. أن يسمح لمن يقرأ القرآن غيباً تبديل الكلمة بمعناها بشرط أن يكون التبديل ضمن الوحي، ويكون حينئذٍ من المعاني التي اتفق مفهومها، واختلف مسموعها، ولا يكون في شيء منها معنى وضده، فيقول: سمعياً عليماً بدل عزيزاً حكيماً، ما لم يختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب، كما ورد في الروايات المذكورة سابقاً، مع صرف النظر عن التشهي والغفلة عما نزل به جبريل وحياً، وبلّغه رسولُ الله للأمة، وكل ذلك شافٍ كافٍ، إذ هي ألفاظ مختلفة لمعنى متفق، ولا يجرؤ أحد أن يدّعي أنه يسمح بالتبديل خارج إطار الوحي، لكن هذا لا يمنع العفو عمّن بدّل من غير قصد، أو أتى بكلمة في نفس معنى الكلمة القرآنية من غير أن يدري، إذا لا يدور هذا الحكم في دائرة الأحرف السبعة، والله أعلم.

Pages