You are here

قراءة كتاب أزمار

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أزمار

أزمار

كانت عصاه تهزأ من العمر الثقيل المتكىء على نحافتها وهي تقرع الرصيف البحري قرعاً رتيباً ينتهي باستراحةٍ على المقعد الإسمنتي، لتصبح سنداً لذقنٍ أشيب لمعت فوقه عينان زرقاوان تعلقت في شبكتيهما أعوامهما السبعون.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

وعـدُ الجـزار

الأحلام لا تصبر على التحقق في عمر الطفولة، والولد موعود بسيارة تسير على الكهرباء، يتجول بها بصحبة أزمار في ربوع القرى مختالاً غريداً ولا يحسب معاناة الكبار مع دنياهم.
الجزار يأتي يوماً في الأسبوع إلى دكان أبيه ليبيع ذبيحته لقاء منح ما يلزم منها للعائلة. وما كاد يهم بسكينه على رقبة الخروف حتى تساقطت عليه الحجارة من كل صوب. حجارة الرفقة لا تصيب، أما حجارة الموعود الخائب، فتفعل فعلتها لأن وراءها أربعة أسابيع من ادعاء النسيان ومسرحة الكذب بضرب الكف بالكف وشلح اليد على الجبين وبالقسم بوجود السيارة في دكان أخيه. حجارة الموعود هذه المرة أتت من مسافة لا تقل عن عشرة كيلومترات، قطعها مشياً إلى بلدة الجزار ليفاجأ باستغراب أخي الجزار دجلِ أخيه والكذب على براءة الأطفال، تتساقط على الهدف، فتربك الجزار وتفقده السيطرة على ضحيته ليهبّ هارباً متلطياً سامعاً صياح الصبية يتردد:
«من يعد الطفولة لا ينكث وعده».
هنا أفلتت الضحية من سكينه وقفزت من على مصطبة مسلخها المحاذي للشارع العام لتستقر تحت عجلة إحدى السيارات المارة وتلقى مصيرها. يهرب الصبية حينها بإمرة قائدهم عزّام ابن صاحب الدكان وشاغل بال جارته البصارة اليوم.
هذه المشاهد تتراءى في ذاكرته حيةً وتتسع بعد مشاهدته عبر التلفاز ابن ذلك الجزار، الذي يأخذ الكثيرون توقعاته على أنها اليقين، وكأنما الآتي إذا ما كان فألاً خروفاً قوائمه دواليب، وإذا ما كان شؤماً سكيناً تلمع في الفضاء كأنها القذائف تتساقط فوق الرؤوس. إن توقعات كهذه تؤكد لأبي رزق الله أن الابن سرُّ أبيه، وأن الدنيا تكبر ويبقى في حناياها الطفل الموعود.
رقد أبو رزق الله على فتوة عزّام يحيا الحلم على وقع التوقعات.

Pages