You are here

قراءة كتاب نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء

نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء

كتاب " نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء " ، تأليف د. عدنان زهران ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 2

الفصـل الأول

أحوال المجتمع الإسلامي قبل الغزو الصليبي

يتميز التكوين الفكري للمجتمع الإسلامي في الفترة التي سبقت الحروب الصليبية بعدة مميزات وصفات سلبية، فكان لها الدور الأساسي في هزائم المسلمين.

ومن أهم هذه السمات السلبية ما يلي:

أولاً: مذهبية الفكر الذي كان سائداً والصراع المذهبي

1. الطابع المذهبي للفكر السائد:

اتسم الفكر الإسلامي الذي عاصر الحملات الصليبية الأولى، بشكل عام بالمذهبية والإنقسام، لذلك ظلت الجهود تهدر دون الوصول إلى نتائج مذكورة.

منذ النصف الثاني للقرن الخامس الهجري، ساد المجتمع الإسلامي انقسام مذهبي حاد.. فقد كان هناك الحنابلة الذين انجبوا في تلك الفترة علماء مخلصين ودعاة عاملين اشتهروا بحماسهم واجتهادهم في جذب جماهير العامة إلى صفوفهم، كما اشتهروا بقدرتهم على إثارة المعارضة أمام الاتجاهات والعناصر التي لا يرضون عنها متحملين في ذلك ألواناً قاسية من الإضطهاد والأذى.

وإلى جانب الحنابلة، وجد: الأشاعرة الشافعية الذين اشتهروا بثقافتهم العميقة وقدرتهم على مواجهة تيار الفلسفة والعقائد الباطنية.

وعلى الرغم من أهمية الدور الذي لعبه الحنابلة والأشاعرة في ذلك الوقت إلا أنهم كانوا يعانون من أخطاء في تطبيق منهج العمل الإسلامي. ويمكن القول أن هذه الأخطاء تركزت في أن ولاء هذه الجماعات كان لإنتماءاتها المذهبية أكثر من ولائها لفكرها أو للأمة التي تنتسب إليها.

لقد نشأت هذه الجماعات أصلاً كمدارس فكرية مثل مدرسة سفيان الثوري، ومدرسة أبي حنيفة النعمان، ومدرسة الشافعي، ومدرسة أحمد بن حنبل. ولم تكن هذه المدارس إلا تخصصات في إطار الرسالة الأكاديمية الواحدة، وكان أغلب رجالاتها قد تتملذوا على بعضهم البعض، وربطتهم روابط المودة والإحترام المتبادل وكانت الوظيفة الرئيسة لهذه المدارس بلورة النظم التي تترجم إلى مؤسسات اجتماعية وثقافية وإدارية واقتصادية.. الخ، ولكن فيما بعد تطورت هذه المدارس الفكرية إلى مذاهب تشبه الأحزاب أو الجماعات.

لقد دخل أشياع هذه المذاهب في صراع مذهبي استنفذ جهود الجميع في ميادين لا طائل منها، وقلبت جوانب الحياة الثقافية، والاجتماعية بقوالب السلبية والتقيد والجمود، وقسمت الأمة إلى فرق متناحرة متنافرة، حول قضاياها الرئيسية الهامشية فأصبحت قضايا هامشية بالنسبة لإهتماماتها بالمذاهب والفرق.

لقد كانت المشكلة الرئيسية التي تفرعت عنها سلبيات هذه المذاهب، أن كل جماعة منها اعتبرت نفسها صاحبة الحق الوحيد في التواجد على مسرح الحياة الإسلامية بسبب تاريخ اسلافها المجيد، فالحنابلة بسبب جهاد من سبقهم منذ أيام أحمد بن حنبل، وبسبب المحن التي عانوا منها، أصيبوا بداء الغرور والتكبر، وأصبحوا يرون أنفسهم أوصياء على المجتمع الإسلامي، وأنهم هم وحدهم أهل السنة والفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية، ولهم وحدهم حق التواجد وحق الدعوة إلى الإسلام، وحق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبسبب هذا الإعتقاد صاروا إذا قام إلى جانبهم من يحاول الدعوة إلى الله اعترضوا عليه وقاوموه وأثاروا الشغب ضده في المساجد وخارجها، ولذلك حين أخذ الأشاعره في الدعوة والنشاط الإسلامي اعتبرهم الحنابلة منافسين لهم، مخربين لجهودهم، فراحوا يعترضون دعاة الاشاعره ويتهمونهم بشتى التهم، ويثيرون الشغب بوجودهم في كل مكان.

كذلك كان الأشاعره، بسبب دور الإمام ابى الحسن الشعري في دحض عقائد المعتزلة، يعانون من عقدة الإستعلاء الثقافي، فقد كانوا يرون انفسهم أهل الثقافة والفكر، ويرمون الحنابلة بالسطحية وضيق الأفق.

Pages