كتاب " نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء " ، تأليف د. عدنان زهران ، والذي صدر عن دار زهران عام 2012 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
نهضة الأمة بين عوامل الإنحدار وسبل الإرتقاء
وفي النصف الثاني من القرن الخامس الهجري أفرزت هذه الحركة جناحاً عسكرياً إرهابياً بقيادة الحسن الصباح المذكور أعلاه. وراح الحسن هذا يبعث دعاته من قلعة الموت ليخدعوا الأحداث والبسطاء ويضمونهم- باسم الدين ونصرة آل البيت- ويملأون نفوسهم حقداً على المسلمين ويربونهم على الطاعة العمياء. ويذكر المؤرخون المسلمون أنهم يستعينون في التأثير على الإتباع بالمخدر أو الحشيش الذي يقدمونه لهم فإذا أصابهم الدوار أمروهم بما يريدون ولذلك سموا بالحشاشين.
ولن نتبين حجم التحدي الباطني في مجال العقيدة والفكر إلا إذا وقفنا على تعاليمهم التي جعلت لنصوص القرآن ظاهراً وباطناً يخرجان بها عن مضامين العقيدة الإسلامية. فقد فسروا قوله تعالى((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ))(27). بأن القلائد هم الأئمة المستورون. والبيت الحرام هو الخليفة الفاطمي. ومعنى قوله تعالى((إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ))(28) هو الإقرار بالإمام الناطق الذي يفيض عنه العلم ويوصل من قبله إلى معرفة الله تعالى والملائكة هم دعاة الإمام الذين يأخذون له العهد على المستحبين ويربونهم على عقيدة الباطنية الإسماعيلية التي تمنح شخص الإمام الحاكم الريادة العقائدية والسياسية المغلقة وتمنحه مرتبة الإلهية.
ولقد وضعت الباطنية للعبادات والعقائد الإسلامية قاموساً لغوياً يناسب التأويلات التي ابتدعوها. ومن ذلك قولهم إن كل ما ورد من الظواهر عن التكاليف والحشر والنشر والأمور الإلهية هي أمثلة ورموز إلى بواطن. فمعنى الجنابة: إفشاء السر. والغسل: تجديد العهد على من أفشى السر. والكعبة: النبي، والباب: علي. والتلبية: إجابة الداعي. والطواف بالبيت سبعاً: الطواف بالإمام إلى تمام السبعة. والنار: الجهل بعلوم الباطنية. والطهور: التبري من كل مذهب يخالف مذهب إمام الباطنية(29).
ولقد انتشر دعاة الباطنية في غرب العالم الإسلامي وشرقه، وأخذوا يدعون إلى إسقاط الحكومة السنية وعلى رأسها الخلافة العباسية، واستطاعوا من خلال ذلك ان يفسدوا عقائد الأمة وأن يثيروا الفتن والقلاقل. ومضوا يغتالون الشخصيات التي تعارضهم، فقتلوا مئات القادة من الوزراء والعلماء والسلاطين ونشروا الرعب في كل مكان.
الفصـل الثاني
النتائج المدمرة على اختلاط الأوراق الفكرية
انعكست آثار الاضطراب الفكري، والتشكيلة الدينية اللذين ضربا المجتمعات الإسلامية في الفترة التي سبقت الهجمات الصليبية على تكوين هذه المجتمعات، وتوجه سلوكهم ونشاطاتهم. فقد افتقرت هذه المجتمات إلى المفاهيم الصائبة والقيادات الناضجة، وسار الناس في حياتهم اليومية والعامة دون إرشاد صحيح، واختفت الموازين الإسلامية، وسيطرت الأهواء والشهوات. ولقد أثر ذلك كله في ميادين الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والعسكرية، فأفسدها وأضعف مقومات المجتمع في الداخل ومناعة المقاومة فيه، وجعله عرضة للهزائم والنكسات. أما تفاصيل هذا الضعف فهي كما يلي: