كتاب " أسطورة ساش " ، تأليف صالح بن إبراهيم السكاكر ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب أسطورة ساش
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

أسطورة ساش
أصوات دورات من التمهيد والتراكم،
والخيوط التي تربط بين النجوم، والأرحام ونطفة الآباء،
وحقوق الذين داسهم الآخرون،
والمشوهين والعاديين والفاهين والحمقى والمحتقرين،
والضباب في الهواء والصراصير تدحرج كريات من الزبل.
بين ثناياي أصوات محترمة،
أصوات الجنس والفحشاء، أصوات محجّبة أرفع عنها الحجاب
أصوات خليعة أنقيها وأبدل أشكالها.
أظن أن بوسعي أن أذهب وأعيش مع الحيوانات، فهي مستكينة قانعة بنفسها.
وإني لأقف وأطيل إليها النظر.
فهي لا تعرف جهداً ولا تئنّ متشكية من أحوالها،
ولا تأرق في الظلام وتبكي لخطاياها،
ولا تُضيق صدري بحديثها عن واجبها تجاه ربها،
وليس بينها حيوان يتذمر، أو حيوان جُنّ بسعيه وراء المقتنيات،
لا يخر أحدها ساجداً لآخر، أو لبني جنسه ممن عاشوا قبل آلاف السنين،
وليس بينها وجيه أو بائس على وجه البسيطة كلها.
هذه هي المدينة، وأنا أحد سكانها.
وما يهم الغير يهمني: السياسة والحروب والأسواق والجرائد والمدارس،
ورئيس البلدية، والمجالس، والمصارف، والمكوس،
والبواخر، والمصانع والأسهم، والمخازن والعقارات والأراضي.
لقد آن لي أن أفسر نفسي ـ فلنقف!
المعلوم أنضوه عني،
وأقذف بالرجال والنساء جميعاً في غمرة المجهول.
تدل الساعة على اللحظة هذه ـ ولكن ما الذي تدل عليه الأبدية؟
الماضي والحاضر في ذبول ـ لقد ملأتهما، وأفرغتهما،
وها أنا أستمر فأملأ ثنايا المستقبل.
أيها المصغي هناك! أعندك ما تُسره في أذني؟
أنظر في وجهي وأنا انتشق عطر المساء،
(وتكلم بإخلاص، فليس من يسمعك غيري، ولن أمكث إلا دقيقة أخرى).
أتراني أناقض نفسي؟
حسناً إذن، إنني أناقض نفسي،
(عظيم الاتساع أنا، وأحوي الجموع الزاخرة).
لقد ركزت همي في الذين هم قربي، وأنا على عتبة الباب أنتظرهم.
من فزع من عمل يومه؟ من ينتهي من عشائه قبل غيره؟
من يريد المشي برفقتي؟
تكلم قبل أن أذهب، أم أنك ستبطئ فيفوت الأوان؟
لن تكاد تعرف من أنا أو ماذا أعني،
ولكني، إلى ذلك، سأكون صحة لك طيبة،
وأنقي دمك وأنسِغُه،
فإذا لم تجدني بادئ الأمر، تشجع،
وإذا افتقدتني في مكان، ابحث عني في مكان آخر.
لقد وقفت في مكان ما في انتظارك..." (6)
***

