كتاب " عين الشلال " ، تأليف د. إبارهيم فضل الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب عين الشلال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عين الشلال
تمهيد
زارني يوماً أحد أصدقائي من متعهدي أعمال البناء والمقاولات، وهو يحمل في يده حقيبة، قدَّمها إليّ هديّة لأنه ـ بحسب قوله ـ يراني دائماً بين الكتب والدفاتر والأوراق، وأخبرني أن هذه الأوراق وجدها بعض عمّاله، وهم يحفرون أساسات إحدى البنايات التي يلتزم إعادة بنائها في الضاحية الجنوبية، والتي كان الطيران الإسرائيلي قد دمّرها أثناء حرب تموز في العام ستة بعد الألفين من ميلاد السيد المسيح (ع).
تركت هذه الحقيبة في ركن من أركان مكتبتي وشغلتني مشاغل الحياة عنها ونسيت أمرها كلياً، وبعد فترة من الزمن، وبينما كنت أفتش عن كتاب أحتاجه لأمر ما، وقع نظري على هذه الحقيبة ولم أتذكرها أبداً، فأخذتها كي أعلم مكنوناتها ودواخلها، واحترت في كيفية وصولها إلى مكتبتي. وأنا أفتش محتوياتها، ظهرت أمامي، محاضر اجتماعات، وأوامر مهمّة، ومستندات ومذكرات إدارية، ومهمات تنظيمية، ورسائل، وتقارير... إلخ. فتذكرت حينها أمر هذه الأوراق، التي كان مضمونها يدل على أنها تعود لتواريخ متباعدة وأماكن متفرقة، وأنها كتبت بأقلام متنوعة...
انهمكت في قراءة هذه الأوراق المبعثرة، والتي لحق التلف معظمها، فلم أجد ورقة إلّا وقد ضاع قسم منها، أو أحرقت بعض أطرافها... وقد خيّل إليّ أن أصحابها كانوا يهمّون بإحراقها، أو أن هذا جزء قد سلم من إحراق كميّة أكبر منه بكثير؛ لأن النيران واضحة على أطرافها، وبدا لي أنها مستندات كانت في طريقها إلى الإعدام... المهم أني وجدت في هذه الأوراق مادة غنيَّة لتجربة إنسانية فريدة عاشها أصحابها، وتستحق إماطة اللثام عنها، وتقديمها إلى الجمهور العربي، وإلى كل جمهور يحاول التخلص من نير الإحتلال والاستعباد والظلم والقهر...
كما أقدمها إلى الأجيال القادمة لتكون أمثولة لهم، وليعلم الجيل الجديد ما فعله الآباء والأجداد من أجل الحفاظ على الأرض والعزة والشرف... ويكون تاريخ أمتهم ماثلاً أمامهم كي لا يضعفوا أو يتهاونوا في التمسك بأرضهم المجبولة بدماء أهلهم وأسلافهم...
ولما لم تكن هذه الأوراق صالحة للنشر كما هي، لأسباب كثيرة، أبرزها التلف الموجود فيها بحيث يؤدي النقص اللاحق بها إلى ضياع المعنى المرجو منها، لذلك قررت أن أردم هذه الفراغات الموجودة فيها، عبر ترتيب الوقائع وتنظيمها، وإعادة ربط الأحداث وتسلسلها... ولم يكن أمامي من مجال غير إعادة نسج مضمون هذه الأوراق بنص روائي، يراعي الأصول الفنيَّة لكتابة الرواية، ومراعياً بعض الخصوصيات التي وردت في هذه الأوراق، وكاتماً منها الكثير من المعلومات التي اعتبرتها تمس بأمن المقاومة في الوقت الراهن، وربما ننشرها في المقبل من الأيام عندما ينتفي ما اعتبرناه يمس بوجه من الوجوه بأمن المقاومة الحالي... وبالتالي فإن هذا النص الذي أقدمه هو نص مشترك بين الواقع والخيال.
إبراهيم نظام الدين فضل الله بيروت في 12-7-2010