قراءة كتاب العرب خارج عروبتهم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
العرب خارج عروبتهم

العرب خارج عروبتهم

كتاب " العرب خارج عروبتهم " ، تأليف طلال سلمان ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

مع الشروق

أي «إسلام» ورث الميادين؟ جولة بين مخاطر الفتن في المشرق العربي

أخيراً: صار الشارع في المدن العربية والبلدات والأرياف، للناس.. كل الناس، العمال البسطاء والمثقفين، أصحاب المهن والموظفين، أبناء البيوتات والرعاع، الأطباء والمهندسين والمحامين والذين على باب الله.

لم يعد الشارع للشرطة والفراغ المزدحم بالعابرين ومواكب السلطان.

فجأة صار الشارع، مصدر القرار.

ولكن هؤلاء الذين نزلوا اليه، على حين غرة وبغير اتفاق مسبق، لم يكونوا يحلمون، بل كانوا يريدون التغيير مع نقص في الثقة بأنهم قادرون على اتخاذ مثل هذا القرار وتنفيذه.

...فهم ليسوا واحداً، وليس اجتماعهم دليل اتفاق على ما بعد لقاء المصادفة. لا بد من أن يتعارفوا. لا بد من أن يناقض بعضهم بعضاً لاكتشاف المشترك والمختلف عليه وحدود الاختلاف.. فلا هم يأتون من ماض سياسي واحد، ولا في أذهانهم صورة محددة للخطوة التالية، والأخطر أن الوقت لم يتح لهم فرصة النقاش تمهيداً للاتفاق حول المستقبل. ثم أن البعض منهم يختزن تجربة طويلة كان لها منطلقها الفكري وكان لها سياقها العملي في مواجهة نظام السلطان، بالمهادنة والمواجهة، بالسجن والنفي والاسترضاء بالنيابة والمشاركة الهامشية... في حين أن البعض الآخر يأتي مثقلاً بقراءاته وأحلامه للقفز إلى الذرى الديموقراطية بإرادة «الميدان» معززاً بإسناد الديموقراطيات الكونية بزعامة الإدارة الاميركية.

من قبل، وفي الماضي القريب، كانوا ينزلون إلى الشارع بالعاطفة، مرة، وبالأمر مرة ثانية: تنزلهم فلسطين في تظاهرة غضب على تقاعس أنظمة السلاطين وجبنها وعجزها عن مواجهة الاجتياحات الإسرائيلية التي تخطت القدس والضفة والقطاع إلى عواصمهم ذاتها، بل وإلى ما خلف العواصم وفوق الدولة.

أما المرة الثانية فحين ينزلهم السلطان في تظاهرة تأييد له ضد «الآخرين»، دولاً أو أنظمة متآمرة، أو جهات مشبوهة ربما كانوا «هم» تلك الجهات، فيها أو معها، في ذهن السلطان!

الى أين من هنا؟

ذلك كان السؤال المفجر، بعد أن افتدى النظام نفسه برأسه!

أما أهل النظام فقد صادروا الميدان: ها قد نجحتم فأسقطتم الطاغية! مبروك! أنجزتم مهمتكم المباركة، فارتاحوا ودعونا نستنقذ الدولة! الدولة ضرورة حياة بل هي مصدر الحياة. سنحمي نحن الدولة، واذهبوا فاتفقوا على نظامكم العتيد!

أفرغ الشارع من أهله في العديد من العواصم العربية، فاحتله الجدل:

في ثلاث من أربع دول عربية نجحت فيها انتفاضة «الميدان» في إسقاط النظام، ضاع «النصر» وسط الزحام، وحل محله القلق والضياع وعدم وضوح صورة النظام البديل، وبالتالي افتقاد القدرة على إقامته بالسرعة المطلوبة وبالحزم الضروري.

وحدها تونس تبدو وكأنها تخطت المأزق مؤقتاً ربما لأن نظام بن علي قد اختار أن يخرج إلى ثروته، خصوصاً بعد ما خذله الجيش الذي تبدّى أن «قيادته» الفعلية كانت في «الخارج» أكثر مما كانت في قصر قرطاج.

ثم أن «ورثة» بن علي الذين عادوا من المنافي البعيدة كانوا قد وجدوا الوقت لتنظيم صفوفهم في ظل رعاية لم تتأخر في الإعلان عن ذاتها، ولا هم ترددوا في الإعلان عن برنامجهم من قلب واشنطن، مقدمين نسخة معدلة من برنامج الإخوان المسلمين في طبعة غربية منقحة ومزيدة، تطمئن باريس أولاً ومن خلفها الغرب كله، عبر تركيا اردوغان وقطر الشيخ حمد وبركاته المؤكدة بالحقائب السمينة!

Pages