You are here

قراءة كتاب خذ حصتك من القتل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خذ حصتك من القتل

خذ حصتك من القتل

كتاب " خذ حصتك من القتل " ، تأليف نصري الصايغ ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

III ـ فصول البشاعة

البشاعة، أن الأبرياء كانوا الضحية. البشاعة أننا كنا نحلم بوطن وأمة وقومية وحرية وديموقراطية وتحرير وإنسان جديد ومجتمع لائق وإبداع يساهم في الخلق، فكانت حصتنا، من هذا الحلم، استحضار الكوابيس لتحتل الصدارة في وعي العربي ولاوعيه.

حصة درويش كانت: «كلما أحببت عاصمة رمتني بالحقيبة».

ويمكن تحسينها واقعياً بـ: «رمتني بالقذيفة».

صرنا أبشع مما كنا: نولد مذنبين، برسم العقوبة... العدّاد يحسبنا على أدياننا ومذاهبنا ومرجعياتنا المعصومة (عن الصواب). أسماؤنا التي لنا، لا قيمة لها. لقد تمت توأمتنا مع الماضي، وفطمنا عن المستقبل. لم يعد المكان يرحب بنا، ولا تتسع لنا غير المعتقلات وأبواب الوفيات. ومن كان ذا حظ رُزِق برصيف يتشرد عليه أو منفى يتوسده ولا يستوطنه.

لماذا، بدل أن نغير واقعنا، أنجز هذا الواقع تغييرنا. أليس لأننا لم نقرأ واقعنا جيداً، وسط هذا العالم المفترس، وفي بيئة الأنظمة المفترسة، والطوائف المفترسة؟ لقد غيّرنا هذا الواقع الذي جهلناه، فاستعصى علينا فهمه والتحرش به لينجب حقبة جديدة، يكون الناس فيها، أكثر حرية وإنسانية ومواطنية وأكثر اقتراباً من فلسطين، حلم الحرية الدائم.

هذا الواقع الشرس، ما فتئ عاصياً منذ قرن. لا بالفكر تغير، ولا بالسياسة تبدل، ولا بالثورة تحسّن، ولا بالسلاح تقدم، ولا بالدين اعتدل. فبدل أن «نحطم صورة النص المستعاد داخل هرم القمع»، تعمّد هذا النص قتلنا وأدخلنا في دوامة مرعبة، في رقابة دينية مستيقظة ومفتونة بالصغائر، لا الكبائر من القضايا. هذا الواقع الذي جهلناه، لحسن الظن أو لسوء الفهم، استحضر ديناً، ديدنه العقاب والحرام، وشرع الدينونة في الدنيا. وهكذا بدل تحطيم صورة النص، تم تحطيم شكل الإنسان فينا وجوهره... لقد قتلنا «المقدس» الصنمي، وكان قد سبق وقتل المقدس الإلهي، عندما احتل مكانه بالوكالة والولاية والخلافة والإمارة.

لم نعد بشراً. ما كان أجملنا على بؤسنا، منذ ثلاثين عاماً، إذا قيست ثقافتنا يومذاك، بجاهليتنا الجديدة، بدونا من جنس الملائكة الأذكياء. نحن اليوم، أسرى ثقافة استبدادية، قبضت على الروح وكبلت الجسد وأقفلت الطريق إلى الأرض، وفتحت أبواب السماء إلى الجحيم هنا. نعاجاً صرنا نساق إلى الذبح. ما كان أجملنا يوم كنا نتوقع أن نسير إلى أحلامنا، ولما أخفقنا، لم ننكر أحلامنا ووقع خطونا، بل تمسكنا بها صليباً، لعلَّ القيامة تأتي على يد جيل يرث الحلم والقدرة والوعي والإرادة والعلم... جاءت بعد ذلك التاريخ، من مغاور الديانات، حركات مغولية.

ما كان يجب أن ينهار... توقف عن الانهيار. وباتت الأمكنة ركاماً للروح وحطاماً للأجساد. واليرموك صورة مصغرة لمأساة العرب. يا للمذلة!

Pages