You are here

قراءة كتاب خذ حصتك من القتل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خذ حصتك من القتل

خذ حصتك من القتل

كتاب " خذ حصتك من القتل " ، تأليف نصري الصايغ ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

II ـ بعد مقتل بشير

الثلاثاء 14 أيلول 1982، الساعة الرابعة وعشر دقائق بعد الظهر، دوّى انفجار هائل في مبنى في الأشرفية. قتل بشير الجميل، قبل ثمانية أيام من موعد تسلمه رئاسة الجمهورية في لبنان، بعد «انتخابه» بقوة «البنادق»، إبان الحرب على لبنان، بذريعة «سلامة الجليل».

في تلك اللحظة، انكسر تاريخ صاعد، بعنوان إسرائيلي، وبدأت حقبة من العنف، ما كان أحد يتوقع أن تستمر لسنوات. ولئن كان كثيرون كانوا يدركون، أن «الثأر» الكتائبي، المدعّم اسرائيلياً، سيكون مريعاً.

تاريخ ما قبل الاغتيال، يشي بوضوح، أن المستهدف هو الفلسطيني ومن معه ومن يؤيده. كان بشير العدو اللدود للفلسطينيين، قال لمجلة «نوفيل اوبسرفاتور» في عز العدوان الاحتلالي للبنان، وإبان محاصرة بيروت، «في الشرق الأدنى شعب زائد، هو الشعب الفلسطيني». فلا بد من حذف هذا الشعب، لتحقيق ما يطمح إليه مناحيم بيغن آنذاك: «لا تمر سنة 1982 إلا ونكون وقعنا على معاهدة سلام مع لبنان». وكان بيغن أول من وجه برقية تهنئة لبشير الجميل جاء فيها: «أهنئكم من صميم القلب لانتخابكم. حفظكم الله، أيها الصديق العزيز وأعانكم على إنجاز مهمتكم التاريخية من أجل حرية لبنان واستقلاله. صديقكم مناحيم بيغن».

عندما وصل نبأ مقتل بشير الجميل إلى أرييل شارون، قرر انتهاز المناسبة ليدخل بيروت الغربية، التي كان قد حاول دخولها، إبان حصار المدينة، وعندما كانت قوات منظمة التحرير فيها، إلى جانب «القوات المشتركة» اللبنانية. ولقد دفع الجيش الإسرائيلي في ساعات قليلة، أكثر من 23 قتيلاً وعشرات الجرحى. لدى محاولته تخطي معبر المتحف باتجاه البربير.

إذاً، القرار الذي تعذر تنفيذه، وتلكأ الكتائبيون في مساعدة جيش الدفاع الاسرائيلي عليه، بات ملحاً. مقتل بشير، هو بطاقة عبور للثأر من الفلسطينيين، ولتطهير المخيمات ممن تبقى من القوات الفلسطينية المسلحة، وفق ما ردده شارون، ومعه بيغن.

غريب. الضمانات الدولية التي منحها فيليب حبيب بعدم المساس بالمخيمات، بعد رحيل قوات منظمة التحرير والقادة الفلسطينيين من بيروت، بحماية قوة تدخل أميركية ـ فرنسية ـ إيطالية، باتت تشكل مانعاً وحاجزاً أمام شارون لدفع قواته واحتلال بيروت الغربية والمخيمات فيها.

غريب جداً، ففي 13 أيلول، عشية مقتل الجميل، غادرت بيروت الدفعة الأخيرة من القوة الدولية (850 جندياً) وذلك قبل عشرة أيام من انتهاء مدتها في بيروت (أمنون كابليوك ـ تحقيق حول مجزرة. ص 19).

«في مكتب الجنرال شارون في وزارة الدفاع في تل أبيب، بسطوا خريطة عسكرية، رُسمت عليها مسبقاً عملية اقتحام بيروت الغربية، وكتب في أعلى الهامش، الاسم الرمزي للعملية.. الدماغ الحديدي». وبدأ التنفيذ بسرعة. وكان ما كان. قال رئيس الأركان رفول ايتان: «نحن الآن في داخل بيروت الغربية، وسوف ننظفها ونجمع السلاح ونلقي القبض على الإرهابيين، تماماً كما فعلنا ذلك في صيدا وصور ومناطق أخرى في لبنان... سندمر ما ينبغي تدميره ونعتقل من يجب اعتقاله. سنترك بيروت عندما يتم التوصل إلى اتفاق... وعندها سننسحب من جميع الأراضي اللبنانية، عندها فقط سننسحب من بيروت». (مرجع سابق. ص21).

قبل بدء الهجوم بساعات، عقد اجتماع في المقر العام «للقوات اللبنانية» حضره فادي افرام والياس حبيقة وآخرون، ورسموا تفاصيل المشاركة. وفي نهاية الاجتماع أسرّ أحد المسؤولين الكتائبيين للإسرائيليين: «منذ سنوات ونحن ننتظر هذه اللحظة»، لحظة دخول المخيمات وتمشيطها. حدث ذلك فجراً. وفي التاسعة صباحاً بدأ شارون يدير «الغزو»، وكان يراقب سير التقدم، وما يجري من عمليات، وهاتف بيغن من هناك: «قواتنا تتقدم نحو أهدافها. أستطيع ان أراها بأم العين».

رفض البيت الأبيض إدانة العمل العسكري الاسرائيلي. أبدت الخارجية الأميركية تفهماً للدوافع. ارتعب قادة منظمة التحرير. تذكروا الضمانات المكتوبة. قال فاروق القدومي «لقد خانونا»، وأعلن شفيق الوزان، رئيس وزراء ما تبقى من لبنان «أن اسرائيل خدعتنا». فيما كان الضابط ميشال عون يواجه الضابط الاسرائيلي الجنرال دروربي، ويرفض التعاون مع الجيش الاسرائيلي متسلحاً بأمر الوزان الذي منعه من أي تعاون مع الجيش الإسرائيلي، وأشار له أنه «تلقى أمراً بفتح النار على القوات الإسرائيلية المتقدمة داخل بيروت الغربية، وأنه، إذا لم يمتثل للأمر، فإنه مهدد بأن يُقدّم للمحاكمة العسكرية».

Pages