You are here

قراءة كتاب خذ حصتك من القتل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
خذ حصتك من القتل

خذ حصتك من القتل

كتاب " خذ حصتك من القتل " ، تأليف نصري الصايغ ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع ، ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

IV ـ لا بدايات بعد النهايات

ها نحن أمام مشهد مقتل البدايات، بهراوة القمع وآلة الآيات وسيوف المقدس، دفاعاً عن الديكتاتور القديم وعن الأولياء والأمراء الجدد. كل البدايات الممكنة باتت معدومة، بعد استعادة ذلك التراث الدموي، الذي تأسس في «السقيفة» وما تلاها. عدنا إلى منابع الصراع الأبدي بين السنة والشيعة. وبين الجميع ضد الجميع. وهو صراع الهلاك الدائم. لا تفوز فيه غير الجراح وقد تعمقت. هذه الحرب التي اندلعت في السقيفة، لم تنته بعد. فأي أحلام بعد؟ وما نفع القصيدة؟

ألا يجدر بنا أن نسأل لماذا هذا الفشل؟

ورد في النص سبب بليغ: «لم تحدث القطيعة مع الاستبداد بكل أشكاله». لم نتجرأ على القطيعة مع الاستبداد الديني، ومارسنا التقية معه، خوفاً منه، ففاز علينا بألف لبوس ولبوس.

فشلنا في تبيئة الدين في المجتمع. صلاح الدين من صلاح المجتمع. المجتمع السليم، الحر، الديموقراطي، المنفتح، الذي يحترم الآخر وتقاليده وإيماناته وشعائره، المجتمع المدني الأصيل، المتمسك بالعدالة والمساواة والحرية والمحاسبة والإحساس بالمسؤولية، المجتمع الذي يداوي نفسه بمزيد من الانفتاح، هو الذي يصلح الدين. المجتمعات المأزومة، تفتح الأبواب لغيلان الماضي، وماضينا في معظمه لا يزال على قيد الحياة، لابساً دروعه وشاهراً سيوفه وشعاره: «أنا الحق» ولا حق قبلي أو بعدي.

كانت حصتنا من الحرية، «شروى نقير»، وحصتنا من الديموقراطية، جعجعة كلام. أنظمة ومؤسسات الثقافة الجديدة، ملك خاص يتوارثه المناضلون القدماء حتى الأحفاد. أمانات عامة أبوية، شبيهة بالديكتاتورية. حظنا من الوحدة، على أيدي الوحدويين وحدهم، تفوق على حظنا المشؤوم الذي أسسه سايكس ـ بيكو. هذان بريئان إزاء جرائم الوحدويين من المحيط إلى الخليج. كانت حصتنا من الدولة غنيمة من غنائم الحرب، أو مطيَّة باسم فلسطين.

لذلك، كانت ثقافتنا الجديدة والجميلة، سراباً نمضي إليه، وكلما بلغناه، غرفنا من الصحراء رملاً، وسميناه ماءً.

لذلك، من ينظر إلى الآتي من أيامنا، في سوريا والعراق وفلسطين ولبنان ومصر وبلاد النفط، سيرى ماضينا في زمن ملوك الطوائف وحروب الطوائف.

كل البدايات انتهت، أو لم تبدأ بعد، وما بدأ منها في تونس ومصر، يحتاج إلى جرعة كبيرة من التفاؤل، وليس بين يدينا سوى حفنة بائسة من الأمل.

لكل هذه الأسباب سقطت القصيدة في اليرموك.

لم يعد لفلسطين حرمة. الموت عسكر في المخيم. اقتات من خلايا اللاجئين. امتص عيونهم من محاجرها. استلقوا على أرض وحولهم فراغ. لا خبز لا ماء لا وطن. ثم ماتوا. فقط ماتوا. لم يرزقوا برحمة. ليس أعظم من ألم الجائع. ليس أفدح من أن يشهد الشهيد على شهادته ببطء.

لكل هذه الأسباب: ما نفع القصيدة؟

«الشعر لم يكن أقدس من عيون الأطفال/ لم يكن أكبر من صراخ الأمهات/ ولم يكن أعظم من جسد الشهيد» (شيركو ببكة س ـ شاعر من كردستان العراق).

30/1/2014

Pages