You are here

قراءة كتاب الإستطلاع ودوره في التاريخ العربي الإسلامي لغاية 23هـ ـ 645م

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإستطلاع ودوره في التاريخ العربي الإسلامي لغاية 23هـ ـ 645م

الإستطلاع ودوره في التاريخ العربي الإسلامي لغاية 23هـ ـ 645م

كتاب " الإستطلاع ودوره في التاريخ العربي الإسلامي لغاية 23هـ ـ 645م " ، تأليف د.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله ﷺ وعلى اله وصحبه الطاهرين. وبعد فإن الكتابة في موضوع الاستطلاع يعد من أكثر موضوعات البحث التاريخي شغفا وحبا لعقول الباحثين لاعتماده على التحليل المنطقي الذي يقود بدوره إلى استنتاجات تكون أساسا لقرارات صناع القرار وفي مختلف النواحي وقد قيل قديما أن المعرفة المسبقة هي السبب الذي يمهد للقائد الحكيم سبيل دحر العدو.

خلق الإنسان وفي فطرته نزوع إلى معرفة المجهول وهذه من نعم الباري عز وجل على الانسان الذي خلقه في اكمل وأحسن صورة ﴿ لقد خلقنا الإنسان في احسن تقويم ﴾ [التين:4]. وهذا ما جعل الانسان في حالة متواصلة من التفكير والتأمل والإبداع لكشف الاسرار التي تحيط به سعيا للحصول على المعرفة المسبقة التي هي تعني جمع المعلومات وبشكل خاص عن طريق الاستطلاع بوساطة العيون والطلائع والكمائن وغيرها من وسائل الاستطلاع المتاحة وبحسب الظرفين الزماني والمكاني.

وعلى مستوى الانسان العربي، فان تداول المعلومات عملية يمارسها العربي بحكم اوضاعه الاجتماعية وظروفه الاقتصادية والسياسية، وقد بلغت عنايته بها حدا من الاهمية ظهرت في اشعاره وأمثاله بما يؤكد اهتمام الانسان العربي بمعرفة تفاصيل الارض التي يعمل عليها وعُدَّ جهله بها بمثابة قتله وبالعكس عندما يكون عارفا بها يكون قادرا على قهرها «قتلت ارض جاهلها وقتل ارضا عالمها». وعندما انبثق نور الاسلام تطورت قدرات العرب في مجال الاستطلاع وظهر ذلك جليا في المعارك التي قادها الرسول القائد rوالمعارك التي دارت في العهد الراشدي ولا سيما ضد الامبراطورية الفارسية والإمبراطورية البيزنطية وهذا التطور في مجال الاستطلاع كان اساسه نابع من خلال الاحتكاك مع جيوش الفرس والروم.

تكمن أهمية هذا الكتاب في كونه محاولةً جادةً لإبراز جوانب الاستطلاع في التاريخ العربي الاسلامي وبشكل خاص حروب المسلمين في العهد النبوي والعهد الراشدي وبالتحديد منذ هجرة الرسول الاكرم ﷺ في العام الاول للهجرة وحتى العام الثالث والعشرين للهجرة، وفي نطاق جغرافي يتحدد بمنطقة الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام ومصر، باختيار معارك معينة جرى التركيز عليها لأهميتها التاريخية وبروز دور الاستطلاع فيها، وبما يشكل ردا على الادعاءات والتشكيك وتشويه الحقائق التي اعتاد عليها الكثير من الاجانب ولاسيَّما الغربيون منهم والذين صوروا هذه الحروب بأنها غزوات خالية من نواحي الابداع والفن الحربي المتطور. ناكرين ما جاءت به مدرسة الرسول القائد ﷺ وأصحابه الكرام من الذين بنوا ثم قادوا الجيوش العربية الإسلامية وقهروا أعظم امبراطوريتين كانت سائدة في ذلك الوقت من مبادئ وقواعد عسكرية وإبداعات أذهلت القيادات العسكرية لتلك الامبراطوريات وأغنت الفن الحربي الانساني بزيادات مهمة، وهذا ما دعاني لاختيار هذا العنوان لأنني لم اجد من بحث هذا الموضوع بشكل علمي من قبل.

تم اعتماد المنهج الوصفي التاريخي لما يتطلبه تسلسل الاحداث والوقائع المختلفة واخذ عامل الزمن بنظر الاعتبار باعتماد اسلوب التحليل المنطقي للحدث بما يوصل إلى الحكم الصحيح على نتائجه في تلك الحقبة الزمنية. وبالمنهج التحليلي يمكن التوصل إلى ما يعنيه الحدث والوقوف على الابعاد المؤدية اليه والنتائج المتمخضة عنه. كما تم اعتماد المبدأ المحايد في بيان ما تحقق من النتائج الايجابية او السلبية للطرفين في المعارك دونما الانحياز العاطفي لأحد الجانبين في المعركة.

لقد توزعت الاطروحة على ثلاثة ابواب، وفي الباب الاول بحثت في مفهوم الاستطلاع وأهميته العامة ومواصفات عناصره، بثلاثة فصول، اما الفصل الأول فكان مخصصا للاستطلاع لغة واصطلاحا اذ تطرقت إلى بيان الاصل اللغوي لهذا المصطلح ومدلولاته ومنهجية استعماله مستندا ابتداءً على ما جاء بالقرآن الكريم من ايات بشأنه وآراء فقهاء الاسلام وعلماء اللغة والنحو وما تبع ذلك من شعر ونثر. ثم تناول البحث الاستطلاع اصطلاحا في مختلف المجالات ولاسيما في المجال العسكري وتفرعاته المختلفة المستعملة في الوقت الحاضر.

وفي الفصل الثاني تم بحث الاهمية العامة للاستطلاع، وفي هذا الفصل جرى التطرق إلى المحاور المختلفة التي برز فيها دور الاستطلاع في العلوم الفقهية والأصول الفلسفية ثم بحثت الاكتشافات الجغرافية وموضوع الابحاث العلمية ثم بعد ذلك تم تناول اهمية الاستطلاع عسكريا وبشيء من التفصيل.

وأما الفصل الثالث فقد خصص لعناصر الاستطلاع والشروط الواجب توافرها بها، اذ بحثت مواصفات العيون والطلائع والكمناء والمواصفات الخاصة بالرسل، وكل هذه المصطلحات تحتاج إلى اشخاص ذوي مؤهلات خاصة ومحددة ليكونوا لائقين للعمل في مجال الاستطلاع فضلاً عن وجود شروط عامة مشتركة. وجرى التطرق إلى اسلوب التعامل مع هذه العناصر.

اما الباب الثاني فقد بحثت فيه مسيرة الاستطلاع عبر التاريخ في ثلاثة فصول، كان الفصل الاول يتناول الاستطلاع والأنبياء وقمت بتحليل الوقائع الاستطلاعية مع الانبياء عليهم السلام منذ خلق سيدنا ادم ومرورا بسيدنا نوح وإبراهيم وموسى حتى النبي عيسى على رسولنا وعليهم اجمعين الصلاة والسلام مستندا في ذلك على ما جاء بالقرآن الكريم. من ايات كريمة بصدد ماله علاقة بالاستطلاع وتحليل ذلك في كل حالة على حدة.

اما الفصل الثاني فبحثت فيه الاستطلاع الذي مارسه القادة التاريخيون في زمن المصرين القدماء وعلى عهد ملوك الدولة الأكدية والآشورية في العراق القديم ثم ما جرى في معارك الإسكندر المقدوني مع الفرس من قتال في العراق وبروز دور الاستطلاع في ذلك، وما حدث لهنيبال في محاربة الرومان وما وقع للزباء في جانب الاستطلاع. وتناول الفصل الثالث الاستطلاع قبيل ظهور الاسلام وتجسد ذلك فيما يسمى بأيام العرب وما برز فيها من دروس استطلاع مهمة تدل على الفطنة والذكاء وقد تم اختيار نماذج من هذه الايام مورس الاستطلاع فيها بشكل متميز يدل على القدرات العربية في مجال الاستطلاع والحصول على المعلومات واختتم هذا الفصل بالإشارة إلى معركة ذي قار وما برز فيها من دروس بما له علاقة بالاستطلاع.

اما الباب الثالث فقد بحثت فيه عن التطبيقات العملية لدور الاستطلاع في العهد النبوي والعهد الراشدي وضمَّ على فصلين.

اما الفصل الاول فقد تناولت فيه الاستطلاع في عهد الرسول القائد ﷺ ودوره في مواجهة القبائل العربية واليهود في معارك بدر واحد والخندق وفتح مكة.

وتناول الفصل الثاني الاستطلاع في العهد الراشدي ودورهِ في محاربة المرتدين وعمليات فتح العراق والشام ومصر وما برز فيها من عبقريات عربية اسلامية تجسدت في اجتياز خالد بن الوليد لبادية الشام في عملية عسكرية منظمة قل نظيرها في التاريخ العسكري إذ اخترق خالدٌ بادية الشام في حركة سريعة وخاطفة غير مكشوفة واستطاع مباغتة عدوه الجيش البيزنطي وخلق حالة من الصدمة والاضطراب في صفوفه. والإبداع البارز في معركة نهاوند وفتح مصر باستعمال ولأول مرة ما يسمى بالأدبيات العسكرية المعاصرة بالدفاع السيار في هاتين المعركتين الحاسمتين.

Pages