You are here

قراءة كتاب ظاهرة التبادل اللغوي في العربية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ظاهرة التبادل اللغوي في العربية

ظاهرة التبادل اللغوي في العربية

كتاب " ظاهرة التبادل اللغوي في العربية " ، تأليف د. عاطف طالب الرفوع ، والذي صدر عن

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

المقدمة

الحمدُ لله عددَ خلقِهِ، ومِدادَ كلماتِهِ، ورِضا نفسِهِ، وزِنَةَ عرشِهِ، الحمدُ لله حمداً يليقُ بجلالِهِ وعظيمِ سلطانِهِ، الحمدُ لله على نعمائِهِ وآلائِهِ، والشُّكرُ الدَّائمُ على ما أولى وأفضلَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خيرِ الأنامِ، وومبدِّدِ الجهلِ وغياهبِ الظلامِ، صلاةً وسلاماً دائمينِ ما تعاقبَ اللَّيلُ والنَّهارُ. وبعدُ:

إنَّ العربَ أهلُ لُغةٍ وفصاحةٍ وبيانٍ، تصرَّفُوا في فنونِ الكلامِِ المختلفةِ نظماً ونثراً، فأحسنُوا القولَ والبيانَ، فكانَ منْ مِيْزَاتِ العربيَّةِ أنَّهُم وضعُوا الألفاظَ مواضعَ بعضِها، منْ بابِ التَّبادلِ والتَّقارضِ، فقامَ كلُّ لفظٍ مقامَ الآخرِ، وأدَّى دورَهُ الوظيفيَّ في السِّياقِ، فاكتسبتْ العربيَّةُ بذلك سَعَةً ومرونةً في التَّعبيرِ والأداءِ، وقدْ تمثَّلَ القرآنُ العظيمُ هذا النَّوعَ منْ التَّعبيرِ فجاءتْ آياتٌ وافرةٌ قدْ وضعتْ فيها الألفاظُ موضعَ بعضِها.

وعمدَ النُّحاةُ قديماً وحديثاً إلى دراسةِ هذهِ الأنماطِ اللُّغويَّةِ وتحليلِها، فبثُّوها في ثنايا مؤلَّفاتِهِم، وأفردُوا لها أبواباً وفصولاً، ودرسوها تحتَ تسمياتٍ وعناوينَ مختلفةٍ.

إنَّ هذهِ الظَّاهرةَ تشيعُ في مصادرِ اللُّغةِ لا سيَّما المصادرُ النَّحْويَّةُ والصَّرفيَّةُ شيوعاً وافراً، وتتناثرُ مسائلُها ومظاهرُها في تلك المصادرِ تناثراً يصعبُ على الباحثِ الوقوفُ عليها والبحثُ عنها، وهي ظاهرةٌ تشتملُ على مسائلَ نحْويَّةٍ وصرفيَّةٍ وصوتيَّةٍ، وقدْ عبَّرَ عنها العلماءُ بطرائقَ مختلفةٍ كالحملِ على المعنى، والإنابةِ أوْ النِّيابةِ، ووضعِ كذا مكانَ كذا، وإجراءِ اللَّفظِ مجرى غيرِهِ، والتَّقارضِ، وتقارضِ اللَّفظينِ، والتَّعاورِ، والمضارعةِ أوْ المشابهةِ، والبدلِ، والتَّبادلِ، وغيرِ ذلك.

ودفعَنِي شيوعُ المسائلِ الَّتي تدورُ في فلكِ هذهِ الظَّاهرةِ وعدمُ وجودِ دراسةٍ مستقلةٍ تجمعُ مظاهرَها وتصنِّفُها إلى البحثِ في هذه المسألةِ واختيارِها موضوعاً لرسالتِي للحصول على درجةِ الدَّكتوراه، وأتطلعُ إلى أنْ تكونَ هذه الدِّراسةُ مصدراً للباحثينَ في تعرُّفِ مسائِلِها ومظاهرِها، وأنْ تُرْفِدَ المكتبةَ العربيَّةَ ببحثٍ يزيلُ ما اعترَى هذهِ الظَّاهرةَ منْ الإهمالِ والتَّناسي، ويجعلُها في متناولِ الباحثينَ بيسرٍ وسهولةٍ .

لعلَّ جَمْعَ مظاهرِ التَّبادلِ اللُّغويِّ على سعتِها وتناثرِ مسائلِها في الدَّرسِ اللُّغويِّ في بحثٍ واحدٍ يستقصي جميعَ مسائلِها يمثِّلُ واحداً منْ أهمِّ نتائجِ هذهِ الدِّراسةِ المتخصِّصةِ الَّتي تتناولُ هذه الظَّاهرةَ في العربيَّةِ تناولاً شاملاً منهجيَّاً يَكْشِفُ جميعَ المظاهرِ والمسائلِ الَّتي تندرجُ تحتَها.

لقدْ أشارتْ مصادرُ اللُّغةِ العربيَّةِ القديمةِ إلى مظاهرَ كثيرةٍ للتَّبادلِ ووقوعِ الألفاظِ موضعَ بعضِها، لكنَّ دراستَهُم لها لمْ تكنْ متخصِّصةً، فلمْ يُفْرِدْ لها القدماءُ كتاباً مستقلاً يجمعُ شتاتَها ويقرِّبُ بعيدَها، فبعضُ العلماءِ أشارَ إلى بعضِ مسائلِ هذهِ الظَّاهرةِ إشارةً مقتضبةً موجزةً، ذاكراً بعضَ الأنماطِ الَّتي وضعتْ فيها الألفاظُ موضعَ بعضِها، وقسمٌ آخرُ توسَّعَ في معالجتِها فأفردَ لمسائِلِها أبواباً وفصولاً في ثنايا مؤلَّفاتِهِم.

وقدْ سارَ المحدثونَ على نهجِ القدماءِ فلمْ يفردُوا لها مؤلَّفاً خاصَّاً، وإِنَّمَا جاءتْ مسائلُ التَّبادلِ وقضاياهُ مبثوثةً في مصنَّفاتِهِم تحتَ الأبوابِ النَّحْويَّةِ والصَّرفيَّةِ المختلفةِ، ولكنْ معَ نهايةِ الرُّبعِ الأخيرِ منْ القرنِ العشرين أصبحتْ هذه القضيةُ ظاهرةً بارزةً تحتَ مصطلحِ (التَّبادلِ اللُّغويِّ) إذْ قامَ دفعُ الله عبدِ الله سليمانُ بنشرِ بحثَيْنِ مستقلَيْنِ متخصِّصَيْنِ تحتَ عنوانِ (ظاهرةِ التَّبادلِ) وهما:

البحثُ الأوَّلُ: ظاهرةُ التَّبادلِ اللُّغويِّ بينَ المصدرِ واسمَي الفاعلِ والمفعولِ، حيثُ نُشِرَ هذا البحثُ في مجلةِ جامعةِ الملكِ سعود عامَ ( 1409هـ/ 1989م).

البحثُ الثَّاني: ظاهرةُ التَّبادلِ بينَ المفردِ والمثنَّى والجمعِ، حيثُ نُشِرَ هذا البحثُ في مجلةِ جامعةِ الملكِ سعود عامَ ( 1410هـ/ 1990م)، وقدْ جاءَ بعدهُ باحثونَ آخرونَ عالجُوا بعضاً منْ مظاهرِ هذهِ المسألةِ.

وتصبو هذهِ الدِّراسةُ إلى تحقيقِ الأهدافِ الآتيةِ:

1- تأصيلِ ظاهرةِ التَّبادلِ في الدِّرسِ اللُّغويِّ.

2- استقصاءِ المسائلِ اللُّغويَّةِ الَّتي يُمْكِنُ أنْ تحملَ على ظاهرةِ التَّبادُلِ، وتبويبِها وتنسيقِها في دراسةٍ شاملةٍ بجميعِ مظاهرِها.

3- تعرُّفِ مفهومِها، وجهودِ النُّحاةِ في دراستِها، ومسوغاتِها، ودواعي المصيرِ إليها، ودلالاتِها في العربيَّةِ.

4- تحليلِ المظاهرِ والمسائلِ الَّتي تخضعُ لهذهِ الظَّاهرةِ تحليلاً وافياً، للكشفِ عنْ أثرِها في الدَّرسِ اللُّغويِّ .

5- توضيحِ العلاقةِ بينَ هذهِ الظَّاهرةِ وما يتَّصلُ بها منْ مصطلحاتٍ كـ: التَّناوبِ والمضارعةِ أو المشابهةِ والتَّعاورِ والتَّقارضِ وغيرِ ذلك منْ التَّعبيراتِ الَّتي استعملَها العلماءُ في الإشارةِ إلى مظاهرِها.

6- رفدِ المكتبةِ العربيَّةِ بدراسةٍ شاملةٍ لهذهِ الظَّاهرةِ تكونُ مرجعاً لكلِّ مَنْ يبحثُ في مسائلِها وتَكْفِيْهِمْ عناءَ البحثِ عنها في المصادرِ والمراجعِ اللُّغويَّةِ.

Pages