كتاب " ظاهرة التبادل اللغوي في العربية " ، تأليف د. عاطف طالب الرفوع ، والذي صدر عن
You are here
قراءة كتاب ظاهرة التبادل اللغوي في العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
2.1 التبادل اللغوي
ظاهرةٌ نحويَّةٌ وصرفيَّةٌ، لها أبعادٌ دلاليَّةٌ وبلاغيَّةٌ، حيثُ انبرَى لها علماءُ اللُّغةِ، فَذَخَرَتْ مؤلَّفاتُهُمْ بمعالجةِ مسائلِها، وهذهِ الظَّاهرةُ ملمحٌ منْ الملامحِ الدَّالَّةِ على مرونةِ اللُّغةِ العربيَّةِ، وسَعَةِ التَّصرُّفِ فيها، وتكشفُ عنْ الدَّورِ الوظيفيِّ للَّفظةِ في التَّعاورِ على الدَّلالةِ والإفصاحِ عنْ المعاني.
1.2.1المعنى اللغوي
الأصلُ في الإبدالِ جعلُ شيءٍ مكانَ شيءٍ آخرَ([9])، واستبدلَ الشَّيءَ بغيرِهِ وتبدَّلَهُ إذا أخذَ مكانَهُ، والمبادلةُ: التَّبادلُ([10]).
قالَ اللَّيثُ: استبدلَ ثوباً مكانَ ثوبٍ، وأخاً مكانَ أخٍ ونحو ذلك المُبادلةُ([11]).
قالَ أبو العباسِ أحمدُ بنُ يحيى ثعلبٌ: قالَ الفرَّاءُ: قالَ: أبدلتُ الخاتمَ بالحلقةِ إذا نحيتَ هذا وجعلتَ هذا مكانَهُ، وقالَ: وحقيقتُهُ أنَّ التَّبديلَ تغييرُ الصُّورةِ إلى صورةٍ أخرى.
بناءً على ما تقدَّمَ في معاجمِ اللُّغةِ نستطيعُ القولَ إنَّ التَّبادلَ هو جعلُ شيءٍ مكانَ شيءٍ آخرَ، وكذلك المبادلةُ.
2.2.1 المعنى الاصطلاحي
جهدتُ في التَّقصِّي والبحثِ في مصنَّفاتِ القدماءِ فلمْ أجدْ تعريفاً يوضِّحُ ماهيَّةَ التَّبادلِ، ويحدِّدُ دلالتَهُ.
أمَّا عندَ المحدثينَ فإنَّ هذا المصطلحَ قليلُ الشُّيُوعِ لا نكادُ نجدُ لهُ إلا تحديدينِ يوضَّحانِ ماهيَّتَهُ أوْ مدلولَهُ:
الأوَّلُ: عرَّف دفعُ الله سليمانُ هذا المصطلحَ. فقالَ: «ونعني بالتَّبادلِ: تناوبُ الأحكامِ النَّحْويَّةِ بأنْ يأخذَ شيءٌ حكمَ شيءٍ آخرَ أوْ معنىً منْ معانيه أوْ علامةً منْ علاماتِهِ، وينطبقُ ذلك بالنِّسبةِ للشَّيءِ الثَّاني؛ فيأخذُ منْ الأوَّلِ كلَّ ما يتَّصلُ بِهِ»([12]) .
الثَّاني: عرَّفَ مجموعةٌ منْ الباحثين تبادلَ الصِّيغِ بأنَّهُ: إحلالُ صيغةٍ نحويَّةٍ محلَّ صيغةٍ أخرى، مثالُ ذلك قولُهُ تعالى: ﴿أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [النحل:1]، حيثُ جيءَ بالفعلِ الماضي (أتى) بدلَ الفعلِ المضارعِ (يأتي) أوْ (سيأتي)، وذلك لتحقُّقِ وقوعِ أمرِ الله تعالى([13]).
نلمحُ أنَّ هنالك اتِّفاقاً واضحاً بينَ ما جاءَ في معاجمِ اللُّغةِ وما ذُكِرَ في التَّحديدينِ السَّابقَيْنِ؛ وبناءً عليه نستطيعُ القولَ إنَّ التَّبادلَ هو: أنْ تحلَّ صيغةٌ أوْ كلمةٌ محلَّ صيغةٍ أوْ كلمةٍ أخرى فتؤدِّي عملَها ودورَها الوظيفيَّ في السِّياقِ، وكذلك الحالُ بالنِّسبة للصِّيغةِ أو الكلمةِ الأخرى؛ أي: أنَّ الصِّيغتينِ أوْ الكلمتينِ تتبادلانِ الأدوارَ والمهامَ، فكلٌّ منهما تقومُ بوظيفةِ الأخرى منْ بابِ التَّبادلِ.