كتاب " ظاهرة التبادل اللغوي في العربية " ، تأليف د. عاطف طالب الرفوع ، والذي صدر عن
You are here
قراءة كتاب ظاهرة التبادل اللغوي في العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
5.1 جهود العلماء القدماء في دراسة التبادل اللغوي
بعدَ تتبُّعي لظاهرةِ التَّبادلِ اللُّغويِّ في مصنَّفاتِ القدماءِ فإنَّنِي لمْ أجدْ أحداً منْ العلماءِ أفردَ لهذهِ الظَّاهرةِ دراسةً، أوْ وضعَ لها تعريفاً أوْ تحديداً يوضِّحُ ماهيَّتَها؛ ومعَ ذلك لا نكادُ نجدُ مصنَّفاً أوْ مؤلَّفاً قديماً يخلو منْ مسائلِ التَّبادلِ اللُّغويِّ أوْ مظاهرِهِ، فالعلماءُ القدماءُ لمْ يبوبوا مسائلَ التَّبادلِ ومظاهرَهُ تحتَ هذا المصطلحِ، وإنَّما جاءتْ مسائلُهُ ومظاهرُهُ مبثوثةً في ثنايا كتبِهِم، فَمِنْهُمْ مَنْ توسَّعَ في دراستِهِ ومعالجتِهِِ وذكرَ صوراً كثيرةً ومختلفةً منْ مسائلِ التَّبادلِ ومظاهرِهِ، ومِنْهُمْ منْ أوجزَ في دراستِهِ ومعالجتِهِ وذكرَ صوراً قليلةً على التَّبادلِ، ومنْ أبرزِ العلماءِ القدماءِ الَّذينَ تحدَّثُوا عنْ مسائلِ التَّبادلِ اللُّغويِّ ومظاهرِهِ: سيبويهِ (ت:180هـ)، والمبرِّدُ (ت: 285هـ)، وابنُ السَّراجِ (ت:316هـ)، وأبو عليٍّ الفارسيُّ (ت: 377هـ)، وابنُ جنِّيٍّ (ت: 392هـ)، وأحمدُ بنُ فارسٍ (ت: 395هـ)، وأبو منصورٍ الجبَّانُ (ت: 416هـ)، وأبو القاسمِ المغربيُّ (ت: 418هـ)، والهرويُّ (ت: 415/ 433هـ)، وأبو منصورٍ الثَّعالبيُّ (ت: 429هـ)، وابنُ المؤدِّبِ ( توفي في القرنِ الرابعِ للهجرة)، والجرجانيُّ (ت: 471أوْ474هـ)، والشَّنتمريُّ (ت: 476هـ)، والبطَلَيوسيُّ (ت:521هـ)، والزَّمخشريُّ (ت: 538هـ)، وابنُ الشَّجريِّ (ت: 542هـ)، وابنُ هشامٍ اللَّخميُّ (ت: 577هـ)، وأبو عليٍّ القيسيُّ (ت: 567هـ)، والعُكْبَريُّ (ت: 616هـ)، وابنُ يعيشَ (ت: 643هـ)، وابنُ عصفورٍ (ت: 669هـ)، وأبو الخيرِ تقيُّ الدَّينِ اليمنيُّ النَّحويُّ (ت: 680هـ)، وابنُ مالكٍ الأندلسيُّ (ت: 672هـ)، وابنُ النَّاظمِ (ت: 686هـ)، وابنُ أبي الرَّبيعِ السَّبتيُّ (ت: 688هـ)، وأبو حيانٍ الأندلسيُّ (ت: 745هـ)، والمراديُّ (ت: 749هـ)، وابنُ هشامٍ الأنصاريُّ (ت: 761هـ)، وابنُ عقيلٍ (ت: 769هـ)، والزَّركشيُّ (ت: 794هـ)، والدَّمامينيُّ (ت: 828هـ)، وبدرُ الدِّينِ العينيُّ (ت: 855هـ)، والأشمونيُّ (ت: 900هـ)، والسُّيوطيُّ (ت: 911هـ)، والبغداديُّ (ت: 1093هـ)، وغيرُهُمْ.
1.5.1 جهود أبرز العلماء القدماء الذين توسعوا في معالجة مسائل التبادل اللغوي
1.1.5.1 التبادل اللغوي عند سيبويه 180هـ:
لمْ يُفْرِدْ سيبويهِ لظاهرةِ التَّبادلِ باباً أوْ فصلاً مستقلاًً، وإنَّما نجدُ المسائلَ الَّتي ذكرَها في كتابِهِ جاءتْ ضمنَ مسائلَ أخرى، وقدْ ذكرَ صوراً مختلفةً تقعُ تحتَ ظاهرةِ التَّبادلِ، ومنْ المسائلِ الَّتي جاءتْ في الكتابِ:
1- وضعُ المفردِ موضعَ الجمعِ: يقولُ سيبويهِ: «وليسَ بمستنكرٍ في كلامِهِم أنْ يكونَ اللَّفظُ واحداً والمعنى جميعٌ»([27]).
2- إعطاءُ المذكَّرِ حكمَ المؤنَّثِ. قالَ عمرُ بنُ أبي ربيعةَ منْ الطَّويلِ:
فَكانَ مِجَنِّي دونَ مَنْ كُنْتُ أَتَّقي
ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِـرُ([28])
قالَ سيبويهِ: أنَّثَ الشَّخصَ إذْ كانَ في معنى أنثى([29])؛ لذلك جاءَ العددُ مذكَّراً.
3- مجيءُ المصدرِ بمعنى فاعلٍ. قالَ سيبويهِ: «ويقعُ على الفاعلِ، وذلك قولُكَ: يومٌ غمٌّ، ورجلٌ نومٌ؛ إنَّمَا تريدُ: النَّائمَ والغامَّ»([30]).
2.1.5.1 التبادل اللغوي عند ابن جني 392هـ:
لمْ يخصصْ ابنُ جنِّيٍّ باباً للحديثِ عنْ مسائلِ التَّبادلِ، إذْْ جاءتْ مسائلُ التَّبادلِ منثورةً في طيَّاتِ مؤلَّفاتِهِ العديدةِ، إلا أنَّهُ توسَّعَ في ذكرِ المسائلِ الَّتي تقعُ تحتَ ظاهرةِ التَّبادلِ لا سيَّما تحتَ بابِ (الحملِ على المعنى)، ومنْ المسائلِ الَّتي جاءتْ في مصنَّفاتِهِ:
1- تأنيثُ المذكَّرِ، وتذكيرُ المؤنَّثِ، وتصوُّرُ معنى الواحدِ في الجماعةِ، والجماعةِ في الواحدِ. يقولُ ابنُ جنِّيٍّ في بابِ الحملِ على المعنى: «اعلمْ أنَّ هذا الشَّرحَ غورٌ منْ العربيَّةِ بعيدٌ، ومذهبٌ نازحٌ فسيحٌ قدْ وردَ بِهِ القرآنُ وفصيحُ الكلامِ منثوراً ومنظوماً؛ كتأنيثِ المذكَّرِ، وتذكيرِ المؤنَّثِ وتصوُّرِ معنى الواحدِ في الجماعةِ، والجماعةِ في الواحدِ...» ([31]).
2- مجيءُ فاعلٍ بمعنى مفعولٍ: ومنْ الأمثلةِ الَّتي ضربَها ابنُ جنِّيٍّ قولُهُ عزَّ وجلَّ: ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق:6]، أيْ: بمعنى مدفوقٍ([32]).