مقدمة لا بد منها

بقلم سالم النحاس

قليلون الأشخاص الذين يحلو لك الاختلاف معهم ، وحين تختلف معهم لا تشعر بالضيق أو الحرج ، بل تشعر بالمودة ، لأن ما تختلف معهم عليه لا يدفعك لأن تكون في خندق العداء أو الخصومة ، بل ترى أن هنالك مصلحة في الاجتهاد والتباين نحو القضية الخلافية القائمة بينك وبينهم ، وترى أن الخلاف يعزز من قيمة القضية لأن تناولها يتم من رؤى وزاوية مختلفة ، فتضفي عليها المزيد من الاهتمام واتساع درجة الفهم نحوها .

الأخ الزميل الرفيق والمناضل الوطني حماده فراعنه ، هو أحد هؤلاء ، بل هو يقع في طليعتهم ، اختلفت معه حينما كنا في حزب واحد ، واختلفت معه ، حين كنا في رابطة الكتاب ، سوية ، ومع ذلك بقيت المودة قائمة ، وأنظر له باحترام شديد ، بسبب وضوح مواقفه ، وصدقه والتزامه الوطني أردنياً وفلسطينياً وعربياً ، تقدمي يجيد اختيار مواقفه بشجاعة وبلا تردد ، مبادر، كثير التحرك ويبحث في زوايا مجهولة عما يريد وعن قضايا ومواقف منسية من قبل الآخرين ، اقتحامي من أجل تليين مصاعب ، وحدوي يجيد زرع القواسم المشتركة ، وتوزيعها ، لا يأبه للإشاعات ولا يتوقف أمام الافتراءات ، يثق بنفسه ، ثقته بما يؤمن إنه حق وصواب .

كان أردنياً ولا يزال ، وبرز ذلك في عضويته باللجنة الملكية للميثاق وكان من روادها بل ومن مهندسيها ، ونجح في البرلمان وكان صوته مميزاً كأردني من أصل فلسطيني ، مثلما برز وفرض حضوره ككاتب أردني مقروء له نكهة خاصة . وكان فلسطينياً ولا يزال ، عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني ، منذ وقت مبكر ، بعد أن كان مقاتلاً في صفوف الثورة وقواعدها وعملها السري .