كتاب " خرفان المولى " ، تأليف ياسمينة خضرا ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
قراءة كتاب خرفان المولى
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
خرفان المولى
لم يكد الشيخ يصفق بيديه حتى ظهر إسماعيل، قريب عملاق، وأسْرع بإحضار علبة مغلفة بعناية داخل ورق برّاق. قال الشيخ شارحاً:
- هذا مُصحف، نُسْخة نادرة. أنجزها حرفي مشهور من مكّة المكرّمة.
تناول الشرطي الكتاب بحذر وعناية ثمّ قام من مكانه. أضاف الشيخ:
- علال سيدهم، لقد خطرت ببالي كثيراً في المدة الأخيرة. أنت رجل خير. أقدّر استقامتك.
حيّا علال الحاضرين وغادر القاعة، يلاحقه جعفر.
في الخارج، ابتلع الليل الجبل. الأزقة خالية إلا من بعض الكلاب الضالة المتسخة.
هنّأه جعفر قائلاً:
- لقد أعطى لك بركته. نادراً ما يخاطب عباس أبناء الحي بهذه الطريقة.
- لقد كنا دوماً نتبادل الاحترام والتقدير.
- كنت أعتقد أنك ستَعود يوم الثلاثاء.
- تلقيت أمراً بالالتحاق فوراً بمركز عملي. يبدو أن الأمر مستعجل.
- سأشتاق إليك.
- ابحث لنفسك عن شغل ما.
- من فضلك لا تطرح القضية من جديد.
توقف علال ليتفرّس في وجه صديقه.
- أيها المغفل. متى ستعقل؟ حاول أن تتخلص من سحنتك الكئيبة وعُد إلى قرب عائلة عِيش لأنهم سيظنون أنك لا تحترم ابنهم بما فيه الكفاية.
ابتعد الشرطي. بعد قليل، ابتلعت العتمة ظله. بقي جعفر لحظة يسترق السمع إلى صرير التربة المغبرة تحت قدمي صديقه قبل أن يعود مرغماً إلى منزل عائلة عِيش.
لم تكن سارة تسْمع صوت المؤذّن وسط زقزقة الطيور. تفتحت عيناها الكبيرتان وسط وجهها الجميل الناعس. فجأة تذكرت شيئاً ما، قفزت من على سريرها وركضت إلى النافذة. جالت ببصرها في الخارج دون أن تُزيل الستار. انتفض ديك في أعلى الخُمّ، العُرف مقدام. ينطلق صياحه بعيداً، يُحرِّك العتمة. في تلك اللحظة، توقفت سيارة علال القديمة على بعد أمتار من السياج. بحَركة يد مترددة، أزاحت سارة جزءاً من الستار كما لو أنها تزيح شيئاً مقدساً. يخفق قلبها بقوة تهدّد بإيقاظ كل من في الدار.
بدا لعلال أنه يرى ستار النافذة في الطابق الأول يتحرّك. لا يميّز خيال سارة ولكنه يعرف بأنها هناك كعادتها، فلم يُلح. في غاشيمات، يختفي المحبون، اتقاء للعين الحسود، وإعطاء الوقت للحب كي ينضج. وجّه إليها خلسة حَركة يد خفيفة ودفع بالسيارة في الدرب.
كان جلول المجنون مقرفصاً تحت زيتونة، يؤجّج ناراً ضعيفة. عند سماعه هدير السيارة، وقف وقرّب يده من صدغه. يؤدي جلول التحية العسكرية حتى في حالة مرور الشرطي بعيداً عنه.
عادت سارة إلى سريرها، أسندت ظَهرها إلى الوسادة وتركت أصابعها تفرك الإزار إلى حدّ تمزيقه.