You are here

قراءة كتاب نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير

نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير

كتاب " نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير " ، تأليف د. أوسم وصفي ، والذي صدر عن دار أوفير للطباعة والنشر .

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

الفصل الثاني
بيتُ أبينا
الإنجيلُ هو دعوةٌ ثلاثيَّة إلى: الخلاصِ الأبديّ، والتَّغييرِ الأخلاقيّ، والعملِ الاجتماعيِّ من أجل عالَم أفضلَ للجميع.
حكى لي صديقٌ يكبُرني سنًّا، وهو شخصٌ مهتمٌّ بالشَّأن السياسيِّ المصريِّ، كيف شعَرَ بالإحباط الشديد بسبب ما قالَتْه يومًا إحدى عضواتِ كنيستِه ردًّا على سؤالٍ من صديقةٍ لها تعيش خارجَ مِصْر. كانَتِ الصديقةُ قد سألتْها عن أحوالها وأحوالِ المصريِّين في أثناء الانتفاضة الشعبيَّة التي اندلَعَتْ في القاهرة يومَي 18 و19 يناير/كانون الثاني من عام 1977م وذلك ردًّا على رَفْع أسعارِ بعض السِّلَع الأساسيَّة، فكانتْ إجابتُها بالقول إنَّها والعديدَ من أعضاء الكنيسة يَشعرونَ بالضِّيق الشديد؛ لأنَّهم بسبَبِ فَرْضِ حَظْر التَّجوال، لم يَعودوا قادرين على الوصول إلى مَبنى الكنيسةِ لممارسة العبادة. يُستشَفُّ بوضوحٍ من هذه القصَّة كم هو مؤسِفٌ حالُ انعزال الكنيسة وشعبها عنِ الشأن السياسيِّ وكأنَّها جسمٌ غَريبٌ في نسيج المجتمع، أو جالِيةٌ أجنبيَّةٌ تَسكُنُ وطنًا غريبًا وتنتظِرُ حتَّى تنتهِيَ مَهمَّتُها فيه، فتَنطلِقَ عائدةً إلى موطِنِها. إنَّ لهذه النِّظرة، بالتَّأكيد، ما يؤيِّدُها في العهد الجديد الذي يحسبُ المؤمنين مواطِنين سماويِّين ينبغي أن يَشعروا ببعضِ الغُربةِ في الأرض مُنتظِرين الانطلاقَ إلى الوطن السماويّ. غير أنَّ هذه النِّظرةَ الضيِّقةَ تتجاهَلُ المسؤوليَّةَ الروحيَّةَ للكنيسة تُجاهَ الوطن الذي تعيش فيه (حيث إنَّ الكنيسةَ هي الأشخاصُ وليسَتْ شيئًا يملِكُه الأشخاص)، وتُجاهَ قضايا الوطنِ السياسيَّة والاجتماعيَّة.
كما أنَّ هذه النِّظرةَ تَتَجاهَلُ أيضًا أنَّ من الجائزِ أن يحمِلَ الإنسانُ جِنْسيَّتَين في الوقت نفسه: الجنسيَّة الأرضيَّة المؤقَّتة، والجنسيَّة السماويَّة الأبديَّة. كما تُعدُّ أمانةُ الإنسان تُجاهَ وطنِه المؤقَّت دليلًا على صِدْق انتمائه إلى الوطن الأبديّ. إذ إنَّ مَن كان أمينًا في القليل، يُقيمُه الله على الكثير. فإنْ كان البيتُ الأخيرُ هو بيتَ أبينا الأبديَّ، فإنَّ هذا لا يَنفي أنَّ البيتَ الأوَّلَ هو أيضًا جزءٌ من بيتِ الآب وكأنَّه الدارُ الخارجيَّة له.
 

Pages