كتاب " نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير " ، تأليف د. أوسم وصفي ، والذي صدر عن دار أوفير للطباعة والنشر .
You are here
قراءة كتاب نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

نعم تستطيع ! المسؤولية الاجتماعية والتغيير
ثلاثةُ أبعادٍ للإنجيل
كانَ لِرِسالةِ الإنجيل دَومًا ثلاثةُ أبعادٍ متزِّنةٌ وضروريَّةٌ مثل قوائم مقعدٍ ذي ثلاثِ قوائم، بحيث إذا سقطَتْ أيٌّ من القوائم صار المقعدُ غيرَ صالحٍ للجلوس عليه. البُعدُ الأوَّلُ للإنجيل هو البُعدُ الأبديّ، وهو ما يُسمَّى الإنجيلُ إلى اليمين (Gospel to the Right)، وهو البُعدُ المتعلِّقُ بالخلاص الروحيِّ والمصيرِ الأبديِّ للإنسان. إنَّ هذا البُعدَ للإنجيل يجعلُ المؤمنَ مُهتَمًّا اهتمامًا شديدًا بخلاصه الشخصيِّ وبخلاص نفوسِ الآخرين، وذلك من خلال الإيمان بالسيِّد المسيح والدخول معه في علاقةٍ شخصيَّةٍ واعية تبدأ الآن وتستمرُّ إلى الأبد. أمَّا البُعدُ الثاني والذي يمكِنُ أن نُسمِّيَه الإنجيلَ إلى اليَسار (Gospel to the Left)، فهو البُعدُ الذي يتعلَّقُ بِكَونِ الإيمان بالسيِّد المسيح يخلِقُ في المؤمن تَوجُّهًا من الحبِّ والاهتمام بحبِّ كلِّ البشر، لذا تُخلَقُ فيه الرغبةُ العارِمةُ في مَقاوَمةِ كلِّ ألوان الشرِّ والفسادِ الموجودة في هذا العالَم، وفي العمل أيضًا من أجل خيرِ كلِّ البشر سواءٌ أدَّى ذلك إلى خلاصِهم الأبديِّ أم لَم يؤدِّ. إنَّ هذا الجانبَ من إنجيل السيِّد المسيح هو الذي يَدفَعُ المؤمنين لمقاومة الجهل والفقر والمرض والظلم السياسيِّ والاجتماعيِّ بكلِّ أشكاله في هذا العالَم. أمَّا البُعدُ الثالثُ للإنجيل، فهو البُعدُ المتعلِّق بالنُّموِّ الروحيِّ والتَّغيير الشخصيِّ للمؤمن في سلوكيَّاته وأفكاره وتَوجُّهاته بحيث يصيرُ في حياتِه الشخصيَّة إنسانًا أفضل. إنَّ هذا الجانبَ من الإنجيل هو ما أُطلِق عليه اسم الإنجيل في المنتصف (Gospel in the Middle) بحسب دالاس ويلارد (Dallas Willard) في كتابه الخُطَّة الإلهيَّة.[2] ونستطيعُ أن نَلْحَظَ هذه التوجُّهات الثلاثة في حياة السيِّد المسيح وتعليمه، والذي يقولُ عنه الإنجيل إنَّه كان يجولُ في كلِّ مُدُنِ الجليل وقُراها يُعلِّم في المجامع، ويكرز ببشارة الملكوت، ويَشفي كلَّ مَرَضٍ وكلَّ ضَعْفٍ في الشعب. إنَّ مَن يَدرسُ حياةَ السيِّد المسيح وأعمالَه، يَجِدُ أنَّ السيِّدَ المسيح كان يَهتمُّ بِمُلْكِ الله الروحيِّ على القلوب، كما كان يَهتَمُّ بتَغيير حياةِ البشر اليوميَّة، وما يتعلَّقُ بها من سلوكيَّاتٍ في مجالَي المال والعلاقات. كما كان يَهتمُّ أيضًا بِقَضايا المجتمع مثل الجوع والفقر والمرض والنَّبذ الاجتماعيِّ على أُسُسٍ عِرْقيَّة (مثل السامريِّين والأمم)، وعلى أساسِ الجنس (ذكر وأنثى) والسنّ (مثل النساء والأطفال)، وعلى أساس الإصابة بأمراض مُزْمِنة (مثل البَرَص). هكذا كانَتِ الأبعادُ الثلاثةُ لإنجيل الملكوت واضحةً تَمامَ الوضوح في حياة السيِّد المسيح وتَعليمه.