يهدف هذا المساق إلى التعريف بالاصول والمرتكزات الفكرية ، والمرجعيات الفلسفية التي تقوم عليها مناهج البحث في الفكر الغربي،وبيان أن مناهج البحث ترتكز كليا على المقولات الاساسية التي تشكلها الرؤية الكلية وتصبغ عليها صبغتها ،وعليه يصبح القول بان هذه المناهج تقو
أنت هنا
قراءة كتاب الأصول المعرفية لمناهج البحث في الفكر الوضعي والفكر الإسلامي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأصول المعرفية لمناهج البحث في الفكر الوضعي والفكر الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل
تميز العصر الحديث بعد إنقضاء عصر التنوير ، بإضمحلال سلطة الكنيسة وضعف التدين، وإتسم بالإتجاه القوي نحو المادية، وسيطرة النزعة الفردية على وجهة الفلسفة والفكر، وظهور حركة الإصلاح الديني البروتستانتي ضد الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، ونهوض العلم الطبيعي والتجريبي وتحقيقه منجزات هائلة، أثمرت في منفعة الإنسان في حياته اليومية المادية والملاحظ أن هذا العصر يعج بالتيارات والمذاهب والإتجاهات الفلسفية المتصارعة المتناقضة، مما قدم وفرة في وجهات النظر والأفكار بشأن الفلسفة وطبيعتها ومنهجها.[1]
وتحول الفلاسفة والمفكرون في العصر الحديث عن منهج الفلسفة التأملي واللاهوتي ومنطقها الذهني التجريدي الذي لا يأبه بالنتائج العملية التطبيقية إلى المنهج الاستقرائي التجريبي الذي ظهر على يد الفيلسوف فرانسيس بيكون، وحذت علوم كثيرة حذو العلم التجريبي الطبيعي، ونفضت يدها من الفلسفة التأملية، وتمردت عليها، وقد تطلع فلاسفة العصر الحديث إلى إنشاء فلسفة جديدة، أقامها أصحاب الإتجاه العقلي على العقل، وأقامها أصحاب الإتجاه التجريبي على الملاحظة والتجربة، وبعد أن كانت الفلسفة القديمة متجهة إلى الوجود، إتجهت الفلسفة الحديثة إلى المعرفة، فإهتمت بالبحث في المعرفة، ودراسة طبيعتها للوقوف على حقيقة العلاقة التي تربط بين الإدراك، والأشياء المدركة، وأدى ذلك إلى جدل عنيف بين أنصار المثالية وأنصار الواقعية المادية.
وقد دار بحث معرفي أبستمولوجي عميق حول أدوات المعرفة ومصادرها، واشتد الجدل بين المذاهب الفلسفية حول هذه المصادر المعرفية وأدواتها، وبلغ حد الشك في إمكانية المعرفة الصحيحة أصلاً، ودار خلاف بين أنصار مذهب التيقن والقطع وأنصار مذهب الشك، وبعد أن كانت الفلسفة القديمة تهتم بالوجود، وتنظر إلى المعرفة من خلاله، إهتمت الفلسفة الحديثة بالمعرفة ونظرت إلى الوجود من خلالها، وبرزت إتجاهات فلسفية تعالج قضية المعرفة والعلوم والوجود الإنساني، ومن هذه الإتجاهات الفلسفية الوضعية عند أوجست كونت، والفلسفة الوضعية المنطقية أو التجريبية المنطقية، والفلسفة العملية النفعية البرجماتية، والفلسفة الوجودية، والاتجاهات الفلسفية الاشتراكية الماركسية، وكان لهذه التيارات والمذاهب الفكرية الفلسفية أثر كبير على الأصول المعرفية لمناهج البحث .
ويهدف هذا المساق إلى التعريف بالاصول والمرتكزات الفكرية ، والمرجعيات الفلسفية التي تقوم عليها مناهج البحث في الفكر الغربي،وبيان أن مناهج البحث ترتكز كليا على المقولات الاساسية التي تشكلها الرؤية الكلية وتصبغ عليها صبغتها ،وعليه يصبح القول بان هذه المناهج تقوم على موضوعية أو على عدم تحيز أو عدم الارتكان الى ايديولوجية ما هو خطل ولا أساس له من الصحة، ومن ثم عرض إسهامات العلماء المسلمين العلمية خصوصا في الجوانب الطبيعية والتطبيقية ،ومعرفة الأصول المعرفية لمناهج البحث التي إرتكزوا عليها ،مما يبن قواعد البحث العلمي في الفكر الإسلامي ، ومن ثم الوقوف على المؤشرات المنهجية في القرآن الكريم التي كانت القواعد الهادية للتفكير المنهجي السليم لدي علماء الاسلام ،الذي مكنهم من انشاء منهج يقوم على الإستقراء التفكر والتدبر ومن ثم تعميق النظر وانجاز المنهج الذي يقوم علي التجريب والتمحيص، توطئة لفهم مقتضيات الأصول المعرفية للتفكير المنهجي في الإسلام.