قراءة كتاب الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد

الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد

ارتبطت الدعوة، وربما التبشير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بظهور النظام العالمي الجديد، بتاريخ انتهاء الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفياتي، وذلك من خلال إعادة صياغة مفهوم العلاقات الدولية، ومحاولة تنظيمها في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والع

تقييمك:
3
Average: 3 (2 votes)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 5
المظهر الأول
 
انحسار سيادة الدولة
 
لم يغب مفهوم السيادة في ظل النظام العالمي الجديد، هذا النظام الذي لم يصبح جديدًا إلاّ لأنه جاء ليعبر عن عالمٍ لاحق على عالم الحرب الباردة الذي ولّى وانقضى، وليعبر عن حقيقته أن للعالم نظامه الجنيني في طور التكوين، أي أن التشكل العالمي الراهن هو خليط من ماضٍ لم ينجز، ومُقبلٍ لم يُرَ بعد خط سيره بوضوح، فهو عالم لم يغادر منطق الصراعات التقليدية بين الدول والشعوب.
 
فلقد بدا في السنوات القليلة الأخيرة أن العالم كله متجه إلى أحكام الجغرافيا السياسية "الجيوبوليتيك" أو سياسة المكان، حيث أصبح المكان مجالاً لنزع السيادة وتثبيتها، ومجالاً لما يجري من صراعات في عالم اليوم على الحدود والمياه والثروات الطبيعية، وكذلك على الهُوية والاعتراف والسيادة والاستقلال.
 
فمنذ التسعينيات وجدنا في ظل هذا النظام دولاً مستباحة، ودولاً مستبيحة بامتياز، ونشوء واقع أمريكي للعالم، لا ترى فيه سوى سيادة الولايات المتحدة الأمريكية على الغير، فضلاً عن دولٍ تتهاوى، ونهايات تبزغ، واستيقظ أعضاء المجتمع الدولي، بعد سنواتٍ قليلة من انهيار الاتحاد السوفياتي والنزعة الشيوعية ليجدوا أن العالم يدور في المنطقة الوسطى بين الانتهاء والابتداء(6).
 
وعليه فسوف تكون المعادلة: إن سيادة دولة ما على شعبها في نطاقٍ جيوسياسي ما، سيترتب عليها في حالٍ من الأحوال مفارقة عن مصالح الولايات المتحدة، لم يبتدئ بعد نهاية الحرب الباردة، ولا بعد تسونامي 11 سبتمبر(7)، وإنما مع غيثٍ من الشعور الأمريكي بأن العالم آيلٌ (في ظل النظام العالمي الجديد)، إلى الانضواء تحت ظلال الدولة المخلصة العظمى.
 
وتميز هذا النظام كذلك بظهور تحوّل عميق في صيغة منظومة الأمم المتحدة وميثاقها، نتيجة لحفر الإدارات الأمريكية المتعاقبة بعد الحرب الباردة على هاتين الآليّتين: الإقناع والإجبار، مجرى تعاملها مع الأمم المتحدة، وكانت قمة الألفية المنعقدة في خريف 2000 مثالاً صارخًا على التحول العميق في صيغة المنظمة وميثاقها، وبخاصة لجهة التبدّلات التي طرأت على مفهوم السيادة، وتشريع حسم الصراعات تحت شعار ما سمّي بـ (التدخل الإنساني)(8).
 
ولعلّ سائلاً يتساءل: كيف تتعاطى الولايات المتحدة الأمريكية مع سيادة الدول في ظل النظام العالمي الجديد، والذي تأتي هي على رأس دُعاته؟
 
إن الولايات المتحدة الأمريكية تتعاطى مع سيادة الدول على ما يشبه الانفصال والاتصال، وهي ثنائية أريد منها وضع سيادة الدول ضمن السياق الذي يوفر للولايات المتحدة الأمريكية غطاءً لتبني اتفاقيات ثنائية تكسبها شرعية للتدخل وتوسعة نفوذها في دول العالم، وتعاطيها بتلك الصورة مع سيادة الدول يظهر من ناحية أخرى من خلال تعطيلها لفاعلية القوانين التي تشكل موانع في وجه استراتيجيات السيطرة المفتوحة، ولقد تبلور تعاطيها ذلك تدريجيًا على امتداد عقد من نهاية الحرب الباردة، وهو ما أدى في النهاية إلى ترسيخ مفهوم الإمبراطورية الأمريكية الناشئة(9).

الصفحات