قراءة كتاب الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد

الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد

ارتبطت الدعوة، وربما التبشير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بظهور النظام العالمي الجديد، بتاريخ انتهاء الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفياتي، وذلك من خلال إعادة صياغة مفهوم العلاقات الدولية، ومحاولة تنظيمها في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والع

تقييمك:
3
Average: 3 (2 votes)
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 7
وبإيجازٍ فإن المخاطر التي تُهدد مضامين سيادة الدول، إضافة إلى الأخطار الداخلية والخارجية، هو ضعفها في الدرجة الأولى، فكل دولة تريد أن تكون سيادتها محترمة، فلا بدّ أن تعتمد على مبادئ القوة في مظهرها الروحي، وبدون ذلك فلن تكون هناك سيادة حقيقية للدولة.
 
● مستقبل سيادة الدول:
 
تتوزع المخارج التي يتوقعها الباحثون اليوم حول السيادة الوطنية، في ظل النظام العالمي الجديد، بين أربع سيناريوهات هي(13): استمرار السيادة، الحكومة العالمية، اختفاء السيادة، وتفكيك السيادة، وجميعها ذات أثر سيءٍ على الدول الضعيفة.
 
1- استمرار السيادة: ويعني أن تستمر السيادة مع بقاء الدول ذاتها، مع الإشارة إلى أن أقصى ما يترتب على هذه السيادة من التطورات الجارية في النظام الدولي، هو استهداف الوظائف أو الأدوار التي تقوم بها الدولة دون القدرة على المساس بمقوماتها الأساسية، أي تلك المرتبطة بواقع الأمة شعبًا وبيئة طبيعية.
 
2- يراهن بعضهم على إقامة حكومة عالمية، من خلال تنازل الدولة الوطنية عن سيادتها لصالح حكومة عالمية منبثقة من نظامٍ عالمي ديمقراطي.
 
3- ويراهن آخرون على اختفاء السيادة، وترتكز توقعاتهم على اختفاء الدولة القومية ذاتها، أي على زوال الفكر القومي القائم على وُجود الأمة، ليحل مكانها ما يسمى بالشركات المتعددة الجنسية، التي سيكون دور الدولة فيها خدمة المصالح المسيطرة للشركات الدولية العملاقة الاحتكارية.
 
4- تفكيك السيادة، ويراهن أصحابها على تفكيك الدول الضعيفة وتجزئة سيادتها، وهذا أمر سهل على الدول القوية تحقيقه، والأصعب على الدول الضعيفة مقاومته، ويتم هذا التفكيك عبر الحروب الأهلية، والنزعات الانفصالية، بحيث تتحول إلى دويلات فاقدة لمعاني السيادة الحقيقية، وخاضعة لهُويّات سلالية، أو ثقافية، أو طائفية، أو إثنية، أو عنصرية، وتستخدم هذه الدويلات في النهاية كأدوات طيّعة في خدمة مصالح الدول القوية وإرادتها، وللأسف (القانوني) سوف يرتكز التفكيك على قرارات الشرعية الدولية، التي أعطت الصفة القانونية لهذه الحالة الشاذة في العلاقات الدولية، كما سوف تستند على المعاهدات، والوعود السياسية الباطلة قانونيًا، لأنها تشكلُ تعديًا وخرقًا للسيادة التامة للدول.
 
● استباحة السيادة بقرارات الشرعية الدولية (أمثلة من قرارات مجلس الأمن):
 
تكشف الممارسات الدولية الحالية، على قبول استباحة السيادة الوطنية، رغم أنها تمثل السلطة العليا للدولة في إدارة شؤونها، وذلك من خلال مجلس الأمن الدولي، الذي من المفترض أن يدافع عن هذه السيادة، فقد أصبح بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة ألفين وواحدٍ، المجسد لهذه الحالة، وهذا ما سبّب ضررًا دائمًا للمفهوم الحقيقي للسيادة في عيون الساسة والقانونيين، وحتى لا نكون نظريين، رأينا أن نقف عند بعض الحالات التي بدا فيها مجلس الأمن مقوّضًا لتلك السيادة، وشلّ قدرة الدولة كوحدة سياسية مستقلة على التصرّف بحرية كاملة، ومنها القرار رقم (1559) لسنة 2004، الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته 5028 المنعقدة في الثاني من سبتمبر 2004، الخاص بسحب القوات الأجنبية من لبنان(14)، في إشارة إلى القوات السورية، وقد تضمن العديد من الأفكار التي تعكس تدخلاً مباشرًا في مسألة السيادة الوطنية للبنان، فمثلاً دعا القرار المشار إليه إلى إجراء انتخابات رئاسة "حرة ونزيهة"، وطالب المجتمع الدولي باحترام سيادة لبنان بشكلٍ كامل، وسلامة أراضيه، ووحدته واستقلاله السياسي، كما يتضح ذلك من نص حيثيات مقدمة القرار ومختلف مواده(15).

الصفحات