ارتبطت الدعوة، وربما التبشير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بظهور النظام العالمي الجديد، بتاريخ انتهاء الحرب الباردة، وتفكك الاتحاد السوفياتي، وذلك من خلال إعادة صياغة مفهوم العلاقات الدولية، ومحاولة تنظيمها في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والع
قراءة كتاب الأبعاد الإستراتيجية للنظام العالمي الجديد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
ولقد اعترض لبنان على مشروع هذا القرار، فقبل التصويت عليه طالب مندوب لبنان في الأمم المتحدة من مجلس الأمن سحب مشروعه، باعتباره يشير إلى الانتخابات الرئاسية في لبنان، مما يُعتبر تدخلاً في شؤون الدولة الداخلية، ومسًّا بسيادتها(16).
والحقيقة أنه ليس من حق مجلس الأمن (ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة)، أن ينصّب أيًا منهما نفسه مصدرًا لتقرير سيادة الدول، أو شرعية الحكومات، فمثل هذا التصرف مخالف لميثاق هيئة الأمم المتحدة، والقوانين الدولية التي تقرر أن سيادة الدول وشرعية الحكومات، هو من حق شعوبها وحدها، هذا في الوقت الذي دعا فيه قرار مجلس الأمن المشار إليه سلفًا إلى أن تكون انتخابات الرئاسة التي ستجرى في لبنان "حرة ونزيهة"، وفق القواعد الدستورية اللبنانية القائمة دون تدخلٍ أجنبي، ودعا إلى احترام سيادة لبنان بشكلٍ كاملٍ، وسلامة أراضيه، ووحدته واستقلاله السياسي، وسحب جميع القوات الأجنبية من أراضيه.
وبمثل ذلك يجب أن يقرأ القرار رقم (1593)، لسنة 2005، الصادر عن مجلس الأمن بشأن المقاضاة عن جرائم الحرب في دار فور بالسودان، باعتباره أيضًا تدخلاً في الشأن الداخلي للسودان، وعدوانًا على مبدأ سيادة الدولة والشعب، ومخالفة صريحة لميثاق الأمم المتحدة، حيث إنه قام بإحالة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم حرب في إقليم دار فور بالسودان إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة.
ومن الأمثلة الأخرى على استباحة السيادة الوطنية باسم الشرعية الدولية، حالة العراق، التي كان فيها المجلس يصدر باسم الأمم المتحدة قرارات بمعدل كل شهر منذ سنة 1990(17)، وتعلقت بخرق فظيع لسيادة العراق، لأنها كرّست لفرض العقوبات، وعدم رفعها، رغم ما انطوت عليه من تعسّف وظلمٍ، وتناقض صريح وواضح مع أهداف ومقاصد هيئة الأمم المتحدة، ومع المعايير الدولية لحقوق الإنسان(18).
وبعد احتلال هذا البلد سنة 2003، حددت إدارة بوش نهاية 30 يونيو 2004 تأريخًا لـ (نقل السيادة للعراقيين)، ومن المعلوم أن ذلك تم من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1546) سنة 2004، في جلسته رقم 4987 المنعقدة في 8 يونيو 2004، وقد نصت مادته الأولى على: (تشكيل حكومة ذات سيادة للعراق، تتولى كامل المسؤولية والسلطة بحلول 30 يونيو 2004، لحكم العراق، مع الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات تؤثر على مصير العراق، فيما يتجاوز الفترة المؤقتة المحدودة، إلى أن تتولى حكومة انتقالية منتخبة مقاليد الحكم).