أنت هنا

قراءة كتاب من الشاطئ البعيد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من الشاطئ البعيد

من الشاطئ البعيد

رواية "من الشاطئ البعيد" هي الرواية الرابعة للكاتب المقدسي عيسى قواسمي، ويتمحور موضوعها حول أسرة فلسطينية من حيفا عام النكبة، تتحدث عن رجل وضع ابنتيه في دير الفرانسيسكان في الناصرة، وذهب ليتدبر أمر استشهاد زوجته في القصف، ولكن الظروف حالت من عودته إلى ابنتي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
ولأَننا كما ترى وهذا أمرٌ حتميٌّ، نقوم بفعل ما يتوجّب علينا فعله. لأنّ طبيعة الأمور وجدليتها تحكمنا بالقيام بذلك. هناك رموز وحالات لا يمكننا تجاهلها هي من يحدّد الخطوات... وكذلك فإنّ السّماء ترسم بوضوح ماهيّة هذه الخطوات والتي نصفها بعد ذلك بالمصير.
 
- ولكنّ هذا موضوع عميق جداً وله أبعاده.
 
- نعم.. نعم..
 
أنا لا ألمّح إلى لوم القدر وليس في أفكاري ما هو رديف لذلك، إنّما كنت أحاول القولَ إنّه كان مِنَ الجديرِ بنا أن نلتفت إلى ما هو أبعد من مجرّد الدّخول في نوبات من الغضب والشّعور بالظُلم، لأنّ ما وراء الأحداث هنالك سبب أكبر من ذلك، ومن أجله كان أو سيكون ما نحن عليه الآن.
 
كانت متعبة، قد غزت خصلات شعرها هموم السّنين الغابرة. ولكنّي وكما اكتشفت بعد ذلك أنّها كانت تستمدّ من حكايتها كلّ أسباب البقاء الفطريّ الذي كان يحتّم عليها النّظر للأمام ومجاراة ما سيأتي من الأَيّام...
 
أنا الآن في بيتها.. في زيارة عابرة لم أخطّط مسبقاً للحديث معها أو مجرّد الاستماع إليها... لكنّها ومنذ مكالمتها الأولى شعرت بأنّها تسحبني للانتباه لما تقوله، كان في بحّة صوتها حزن دفين، وألم يختبئ خلف نبرتها المرتعشة. وها هي تبدأ معي حديثاً عابراً ولكنّه وبعد فترة وجيزة اتّسم بالجدّيّة.
 
لقد تعثّرتُ عبر مساحة مفتوحة من الألم والدّهشة خلال استماعي لها، ممّا جعلني أتوقّف طويلاً أمام أَسئِلتها الفلسفيّة الحائرة الصّادقة التي كانت تبسطها أمامي. وأنا لا أنكر بأنّني أعشق الخوض في النّقاشات الفلسفيّة، لذلك كانت لحظات انتباهي تلك أشبه ما تكون بأغصان شجرة تغري أسراب الطّيور بالهبوط فوقها. كنت أصغي وأحلّل... ثمّ أتخيّل...

الصفحات