رواية "من الشاطئ البعيد" هي الرواية الرابعة للكاتب المقدسي عيسى قواسمي، ويتمحور موضوعها حول أسرة فلسطينية من حيفا عام النكبة، تتحدث عن رجل وضع ابنتيه في دير الفرانسيسكان في الناصرة، وذهب ليتدبر أمر استشهاد زوجته في القصف، ولكن الظروف حالت من عودته إلى ابنتي
أنت هنا
قراءة كتاب من الشاطئ البعيد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 4
أنت لا شكّ تدرك معنى قولي هذا (لقد تركنا هناك بين موتين في قلب الرّيح نصارع الجهل والخيانة دون أشرعة أو بوصلة فخان البحر سفننا وابتلعتنا الظّلمة..)
بيد أنّني أَستطيع القول لك الآن أن ما حدث لي في تلك الفترة كان بداية لكلّ الهزائم التي مررنا بها.
كنت أنصتُ إليها بانتباه محاولاً تحليل كلماتها وربطها فيما جرى حقّاً في ذلك الوقت بعد أن تعمّق الشّعور لديّ بأنّ ما وراء الظّلّ هنالك ظِلالٌ تُحاوِلُ العثور على أفق لحيّزها وبالرّغم من أنّني تعمّدت في الفترة الأخيرة إبقاء ذاكرتي المتعبة من هموم الحياة خارج نطاق الواقع والانزواء لبعض الوقت فيما هو غير حقيقي من التّخيّل.
كنت أحاول الإمساك بطرف خيط أصل من خلاله خلف أفكاري الكدرة. وعبثاً أحاول تسلّق الغيوم لمجرّد أن أَرتفع أبعد من مساحة القفزة التي تتقنها قدماي. كانت السّماء بعيدة جداً، أبعد من أن يحتويها نظري في اللحظة التي كنت من خلالها أمتلك الحُلم، والأرض هنا كانت تفيض عن حاجتها من النّزاعات والحروب.. أو لعلّني كنت أحاول التّمردّ على حقيقة الصّمت الذي يواكب الكارثة والعجز، ولكنّي كنت أنا أراه بدوري خنوعاً واستسلاماً في الهزيمة وها أنا أجد نفسي أمام جبال تتمادى في الارتفاع ثمّ لا تقوى على التّوقّف عن جلد الذّات...
كانت غزّة تُقتل وهي تتوّضأ بماء بحرها... من الفَجر إلى الفجر كان الضّوء يُسرق من قمرها... ولا أحد يكترث لأحدٍ. هذا الصّمت يوجع لكنّه لا يصل بنا إلى نهاية.
أخرجتني من شرود أفكاري حين سألتني:
- هل كنت تصغي إليّ؟