أنت هنا

قراءة كتاب من الشاطئ البعيد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من الشاطئ البعيد

من الشاطئ البعيد

رواية "من الشاطئ البعيد" هي الرواية الرابعة للكاتب المقدسي عيسى قواسمي، ويتمحور موضوعها حول أسرة فلسطينية من حيفا عام النكبة، تتحدث عن رجل وضع ابنتيه في دير الفرانسيسكان في الناصرة، وذهب ليتدبر أمر استشهاد زوجته في القصف، ولكن الظروف حالت من عودته إلى ابنتي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
لا شيء يضاهي البحر في رهبته سوى الأفكار الشذرة حين تباغت الذّاكرة فجأة فتلح عليها وكأنّك تحاول إغلاق كفّ يدك على حفنة من الرّيح فتعجز عن الإمساكِ بها وإبقائها داخل حدود الكفّ.
 
كان المساء قد ارتمى بثقله فوق صفحات الماء وقد اختفى اللون اللازورديّ من تلك اللوحة وبدأت الظّلمة كأنّها وجوه خرافيّة تبحث عن حيّزها في هذا المدى الرّبانيّ.
 
وجدت نفسي تَنْساقُ إلى رغبتها في الصّعود إلى أعلى مساحةٍ لجبل الكرمل.......
 
حيفا دون الكرمل كمدينة بلا عيون. لذلك أردت إلقاء نظرة على الميناء البحريّ من علياء الكرمل. وكما يلقي الصّقر نظرته الخارقة نحو طريدته. تركت لعيني أن تعانقا الأنوار الممتدّة أمام بصري. كانت حيفا في تلك اللحظة تتشكّل في بطء رموش الجنين حين يواجه الضّوء لأوّل مرّة فيبدأ بكاؤه الأول وصراخه الوليد من حقيقة اللقاء الأوّل مع الوجود.
 
أعادني الأفق الخاشع أمام تراتيل الظّلمة التي كانت تمزّقها الأضواء السّاطعة هنا وهناك إلى مناورات ذاتي حيال تلك العجوز. فبدأت أكتشف رغبة عارمة ملحّة للاستماع لقصّتها كاملة.
 
وبدأ يراودني شعور دفين بأنّ زيارتي إلى النّاصرة لا بدّ وأن يكون ما وراءها لكي يتجلّى لي القدر واضحاً وإلا فلماذا ما زلت أفكر بها على هذا النّحو؟ ووجدت نفسي أقود السّيّارة عائداً إلى النّاصرة. لقد انتصرت الرّغبة لديّ على روتين الحياة، فتمردّت النّفس على الوقائع الآتية...
 
حين فتحت باب المنزل تبسّمت لي رغم ملامح الحزن التي استقرت فوق تجاعيد وجهها.
 
قالت:
 
- لقد عدت إذاً.
 
أومأت لها برأسي ثمّ انسللت نحو تلك الشّرفة من المنزل.

الصفحات