أنت هنا

قراءة كتاب من الشاطئ البعيد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من الشاطئ البعيد

من الشاطئ البعيد

رواية "من الشاطئ البعيد" هي الرواية الرابعة للكاتب المقدسي عيسى قواسمي، ويتمحور موضوعها حول أسرة فلسطينية من حيفا عام النكبة، تتحدث عن رجل وضع ابنتيه في دير الفرانسيسكان في الناصرة، وذهب ليتدبر أمر استشهاد زوجته في القصف، ولكن الظروف حالت من عودته إلى ابنتي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
2
 
لست أذكر بالتّحديد كيف بدأنا معاً بتكوين تلك اللحظة التي بدأت من خلالها رواية قصّتها، أو أحجية حياتها كما أرادت هي تسميتها. ولكنّي أذكر كيف حدّقت هي عبر شبّاك الشّرفة الزّجاجيّ المطلّة على كنيسة البشارة، حيث تمثال مرمريّ لسيّدنا عيسى النّاصري يداعب الرّيح بشموخه وصبره في مكانه ذلك، وكيف أخرجت فجأة صوتاً محمّلاً بثقل الذّكريات من صدرها قبل أن تبادر القول:
 
- كان ذلك في حيفا عام 1948.
 
سألتها مقاطعاً:
 
- هل يعني ذلك أنّ بداية الأحداث كانت في حيفا..؟
 
- نعم.. من حيفا بدأت خيوط الحياة الدّاكنة نسج ما سأرويه لك الآن. وفي حيفا ولدتُ أيضاً في بيت أبي الذي كان يعج بالحياة في حي وادي النّسناس حيث البحر والصيّادون والغروب الذي لا يضاهيه غروب في أنحاء الخليقة سوى غروب النّفس عمن تحبّه.
 
في ذلك الوقت من مساء يوم شديد الحَرّ كنت ألعب مع شقيقتي سلوى التي تناهز من العمر ستة أعوام، في حين كنت أنا لم أبلغ الثّالثة بعد. كنّا في غرفتنا نفترش الأرض ونلهو بدمية مصنوعة من القماش، كانت صنعتها أمّي لنا، حين التقط أبي (فارس) عصاه الخشبيّة بحركة سريعة من يده وكأنّ أمراً جللاً قد حدث. نظر أبي نحو محيط الغرفة الأخرى المعتمة بعض الشّيء حيث كانت أمّي ترقد فوق سريرها تعاني من آلام المخاض.
 
كانت تئن بصمت وجَلد. نظر نحوها وسألها:
 
- هل أذهب الآن؟
 
- نعم. أنا أشعر بذلك. أعتقد أنّني على وشك الولادة.

الصفحات