كتاب "مملكة النفاق- (من نكبة الحجاز إلى نكبة فلسطين)"، يتناول فترة مصيرية في تاريخ العرب الحديث، قد تكون مجهولة بالنسبة للكثيرين، حيث وُضعت الأسس التي سيقوم عليها بنيان التبعية والنفاق إلى يومنا، من أجل إحكام السيطرة على العالم العربي والإسلامي (وعلى فلسطين
أنت هنا
قراءة كتاب مملكة النفاق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
في العقد الاخير من القرن التاسع عشر, لم تعد الصهيونية السياسية متوافقة مع الاستعمار البريطاني فحسب, وانّما أصبحت جزءاً لا يتجزأ منه. وأصبح أشد انصار الصهيونية هم أولئك الذين يشغلون اهم المناصب في الدوائر الحكومية..
وعندما عقد المؤتمر الصهيوني الرابع في لندن سنة 1900, وقف هرتسل ليعلن وبكل ثقة: "من هذا المكان ستحلق الحركة الصهيونية في الأعالي... انكلترا العظيمة, انكلترا الحرة, انكلترا التي تتطلع انظارها الى البحار السبعة سوف تفهمنا" ..
بذلك, كان هرتسل يعزف على فكرة تشامبرلين وحكومته التي اخذت تنظر الى اليهود كمجموعة من المستعمرين الاوروبيين المؤهلين لاستيطان وتطوير وامتلاك (أرض خالية مقفرة) تحت الوصاية البريطانية.
جملة القول بالنسبة لهذه القضية,
تكون في الغرب, وخاصة في بريطانيا اصرار عجيب بلغ حد الهوس على فرض وتحقيق المشروع الصهيوني بأي ثمن ووسيلة. وصار الهم الاكبر في اوساط العناصر الدينية وغير الدينية من صناع القرار منصبّاً على فلسطين- أرض الميعاد.. هذا الهم انعكس وكشف عن نفسه بكل الصلف والغرور الممكن في مذكرة لوزير الخارجية المتأخر(بلفور), وهو في حضيض الظفر,وخلاصتها أنه:
"ليس في نيتنا مراعاة حتى مشاعر سكان فلسطين الحاليين, مع ان اللجنة الامريكية تحاول استقصاءها. ان القوى الاربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية.. وسواء كانت الصهيونية على حق او باطل.. جيدةً أو سيئة.. فانها متاصلة الجذور في التقاليد القديمة العهد والحاجات الحالية وامال المستقبل. وهي ذات أهمية تفوق بكثير رغبات وميول السبعمائة ألف عربي ممن يسكنون الان هذه الارض القديمة".. (نلاحظ هنا ان كلمة يسكنون جاءت وكأنها يراد لها ان تشير لشيء طارئ)..
على صعيد الداخل, في ظل هذه الظروف والمعطيات, كان ينبغي للسلطان عبد الحميد أن يكافح بكل ما أوتي من قوة وفطنة وبوحي من فطرته السليمة العارفة.. من أجل تأخير الانهيار بقدرالمستطاع.. انهيار دولة استشرى الفساد في مؤسساتها, وأصيب اقتصادها بالشلل وأثقلتها الديون الخارجية وعصفت بها الأزمات وحركات التمرد والفتن التي يثيرها ويرعاها قناصل الدول الاجنبية.. بقليل القول, عرف السلطان أن العدو يعمل طليقاً معززاً في عقر دار الاسلام..