كتاب "مملكة النفاق- (من نكبة الحجاز إلى نكبة فلسطين)"، يتناول فترة مصيرية في تاريخ العرب الحديث، قد تكون مجهولة بالنسبة للكثيرين، حيث وُضعت الأسس التي سيقوم عليها بنيان التبعية والنفاق إلى يومنا، من أجل إحكام السيطرة على العالم العربي والإسلامي (وعلى فلسطين
أنت هنا
قراءة كتاب مملكة النفاق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 10
ويبين السلطان عبد الحميد في مذكراته "أن انصار الدستور كانوا عبارة عن فئة من أولئك الذين انسلخوا عن جذورهم لبقاءهم خارج الوطن لفترات طويلة. وفئة اخرى تلقت تعليماً اوروبياً سطحياً.."-(ونضيف من عندنا, فئة من القابلين للعمالة والسقوط بحكم انفسهم ومعدنها.. وهم الذين استمروا ولم يرجعوا, وفي ما بعد تبوؤوا المراكز العالية في دولهم البالية..)- فدعا هؤلاء لنشر التحرر والمساواة داخل الدولة العثمانية المتهاوية سعياً لالحاقها بالغرب وجعلها بشكل او بآخر (وبعد ان تقلصت في حدود تركيا) نظاماً عسكرياً ليبراليّاً -ويا لها من معادلة!!- متنكراً لماضيه وتراثه منقطعاً عن محطيه الطبيعي وهويته. وهو ما كان يرمي بالاساس الى نبذ الخلافة واسقاط ذكراها والتحلل من اي ارتباط بقضايا المسلمين وثقافتهم ومصيرهم.
ثم يختم السلطان مطلقاً هذه الزفرة من الحرقة : (( يا الهي كم اساء فهمي هؤلاء الحمقى المساكين! وكم هم جهلة لا يعلمون شيئاً عن امر الدولة العثمانية))!!
لكن, ماذا بشأن الذين يعلمون؟
بعدما تولوا زمام الامور, انقلب حال الاحرار (المتنورين) فاخذوا يضربون على طبول القومية والعنصرية التركية, مجاهرين بازدرائهم لدين العرب ورسالة الاسلام.. عندئذ, وكردة فعل غاضبة ومحسوبة, اندفع هؤلاء الى احضان بريطانيا وفرنسا, وبدأوا يفكرون ويطالبون بالانفصال والاستقلال..
من صلب هذه الحركة التي قادتها ومثلتها جمعيتا (العربية الفتاة) و(العهد) المشبوهتان, ولدت دعاوى القومية العربية. وبوحي من الانجليز وببركاتهم وقع هؤلاء على زعيمهم ممثلاً في شخص الامير فيصل بن الحسين. ولما كان رفاق الامس من الاتراك يعرفونهم ويرصدون تحركاتهم, فقد طوردوا واعدم بعضهم في ميادين دمشق وبيروت واسطنبول ولجأ قسم منهم الى باريس ولندن ومدن الغرب التي احتضنتهم في انتظار (المهزلة العربية الكبرى) حيث سيسوق الرعاة جميع الغنم قبل ان يلتهموها في ميسلون ومكة والقدس وبغداد والقاهرة, ومن ثم ليفرضوا انتدابهم بالقوة والبطش.
وكذلك, ومن كلمة باطل اريد بها باطل, نبتت ورسخت العداوة والبغضاء بين العرب والاتراك على آثار فئتين ضالتين مضللتين.
والعبرة المستقاة بعد هذا الاستطراد انه "كان للقوى الخارجية تاثير كبير في الحياة السياسية داخل الدولة العثمانية. فقد كانت تلك القوى ذات تشكيلات واسعة وممتدة بالقدر الذي يمكنها من جعل ابناء الوطن الواحد يفعلون ما تريده في الاماكن التي تريدها. والامم التي لا تعتبر من التاريخ هي امم معرضة دوماً لتلك الاخطار".(8)
غير انه ينبغي لنا الان ان نعود قليلاً الى الوراء.. الى النقطة الجوهرية..