أنت هنا

قراءة كتاب أرجوحة تعلو... وتعلو

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أرجوحة تعلو... وتعلو

أرجوحة تعلو... وتعلو

رواية "أرجوحة تعلو... وتعلو "، تبدأ الكاتبة في مقدمتها قائلة: هل الكتابة هي النص ؟هل هي المكتوب منه أو المسكوت عنه؟هل هي الأطر؟ أم أنها الهوامش؟ أم أنها التخوم ؟ أم أنها النصوص السابقة؟ أم أنها النصوص المتقاطعة؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 3
تشرب كأساً من الماء وتنظر إلى الخارج وتطلق من عينيها نظرة تأمّل· لازال الوقت مبكراً فالساعة تشير إلى السابعة صباحاً، وهذا ما دعاها إلى أن تسرع بالخروج قبل أن يبدأ الازدحام، وللوصول إلى نادي المدينة الرياضية لممارسة السباحة؛ رياضتها المفضلة، التي تمارسها منذ أربعين عاماً، وواظبت عليها بانتظام منذ عشرة أعوام بواقع مرتين في الأسبوع على الأقل· فالسباحة لفترة طويلة تمنح ذهنها الصفاء،  ودائماً تجد فيها البديل والحل حين تستعصي عليها الأمور· 
 
وإذ تفرغ من هذا التمرين الذهني تعود إلى البيت، فتسرع لارتداء ملابسها، وتناول الفطور والذهاب إلى الجامعة لإلقاء محاضراتها· فمنذ سبعة عشر عاماً وهي تحاضر في طلبتها دون كلل أو ملل· فهذه المهمة تعني لها الكثير، فهي قضية ورسالة تحيا من أجلها· أحياناً كانت تراودها شكوك في رجوعها من أمريكا وبريطانيا إلى عمان عند إنهائها الدراسة، مع أنه لا توجد لديها مشكلة قانونية في الإقامة، كان قرارها بالعودة صائباً، خالفت فيه كل التوقعات التي تنبأ بها جميع من عرفها من أنها سوف تعود ثانية إلى أمريكا بعد شهور، وخاصة أنها عاشت هناك عشر سنوات·
 
بعد عودتها من العمل تعرِّج في طريقها إلى البيت على السوبر ماركت وتشتري احتياجاتها من الخضروات والفواكه التي تتكرر أصنافها كل مرة، مستثنية اللحوم من قائمة مشترياتها، ولا يعود هذا الاستثناء لأنها نباتية، فهي تأكلها خارج المنزل نادراً· وفي أكثر الأحيان تقوم بالطبخ بنفسها، فهي مغرمة بالأكل الصحي، تستمتع بالطبخ وأعمال المنزل، حتى إنّ أصدقاءها يستغربون من عدم وجود أحد يساعدها، فتقابل استغرابهم بقولها إنها تعتبر أعمال المنزل رياضة· تحب حريتها بل تعشقها ولا تستطيع المفاضلة·
 
مشت في البيت كالعادة ترتب وتنظف وتتأمل أشياءها، وفي أثناء ذلك داهمها شعور بالغربة والفراغ، فهي وحيدة في الخامسة والستين من عمرها، وأهلها ليسوا بقربها، وأولادها في أمريكا مشغولون بمجريات حياتهم· صحيح أنها تعرف أناساً كثيرين زملاء بعضهم نسيت أسماءهم، ولها عدد من الصديقات لا يتجاوز عددهن أصابع اليد تراهن باستمرار، لكنهن مشغولات بأحفادهن· ما الذي جرى لها؟ إنها تبكي، وشعورها بحاجتها في هذه اللحظة إلى أمها يطغى على وجدانها· أخيراً وجدت نفسها تعود بذاكرتها إلى الطفلة ذات الضفيرتين وهي تسير في سوق ساروجة·

الصفحات