رواية "أرجوحة تعلو... وتعلو "، تبدأ الكاتبة في مقدمتها قائلة: هل الكتابة هي النص ؟هل هي المكتوب منه أو المسكوت عنه؟هل هي الأطر؟ أم أنها الهوامش؟ أم أنها التخوم ؟ أم أنها النصوص السابقة؟ أم أنها النصوص المتقاطعة؟
أنت هنا
قراءة كتاب أرجوحة تعلو... وتعلو
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 8
وتذكر روعة فيما تذكر بعد هذا العمر، أنها بعد رجوعها من بريطانيا في المرة الأولى، اصطحبت الجناح المكسور إلى الطبيب لعلها تجد حلاً ومنقذاً· وأذهلتها المفاجأة عندما أخبرها الطبيب بأن أختها معاقة، وأنها بحاجة إلى استشارة عدد من الأخصائيين· فعادت هي الأخرى مكسورة الجناح· وقد ضاعف من انكسار خاطرها ما واجهها به والدها من ثورة عليها وغضب وحدَّة وهو يقول لها - بعد عودتها وأختها من عند الطبيب- إن هذا ليس من اختصاصها، فهو قضاء الله وأمره وعليها التسليم بهذا الواقع· ولشدّ ما أثّر فيها سكوت والدتها في هذا الحوار؛ إذ لم تنبس ببنت شفة ولم تتدخل في هذا الشأن، وكانت هذه المرة الأولى والأخيرة في رحلتها إلى الأطباء·
بعد موت والدتها، وفي مرات قليلة، قامت بمجهود لا يكاد يذكر تجاه الجناح المكسور؛ إذ تولت متابعة الاعتناء بأسنانها، وكذلك الاهتمام بملابسها وقيافتها، والذهاب معها لزيارة صديقات الوالدة حياة، فالجناح المكسور هي من تعرف الطريق إلى بيوتهن، ولا يمكن للدكتورة الوصول إليهن من دون مرافقتها· كان مرحباً بها من جميع الصديقات إكراماً للوالدة· ولم تكن تنسى الذهاب معها إلى محل >ديليس< في الصالحية لأكل البوظة معاً، والشعور الذي يطفح سعادة وسروراً على وجه الجناح المكسور، التي ظلَّت تبحث عن الاهتمام والعطف والحنان، ففي دخيلة نفسها كانت تشعر أنها مثل الآخرين·
الآن عندما تذهب لزيارة العائلة، فإن الشيء الوحيد الذي تشعر بوجوده في البيت هو أن روحها هناك لم تفارق المكان، وبين لحظة وأخرى تنادي الجناح المكسور التي كانت دائمة الجلوس في البرندة فهي مكانها المفضل للتسرية عن نفسها ويتيح لها مراقبة الناس· كنا دائماً نمازحها بقولنا إنها تعرف أخبار الحارة كلها وليس أخبار البناية فحسب· ولا تنسى الفرحة التي كانت ترتسم على وجهها عند حضورها من السفر، فتهبُّ مسرعة لملاقاتها ومساعدتها في حمل حقيبة سفرها· في كل مرة تزور فيه بيت أهلها تفتقدها ولكن تشعر بروحها خفيفة كنسمة حواليها·